بعد 10 سنوات من الحراك السوري.. كيف تسلل الجهاديون وسرقوا إنجازات السوريين؟

أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ١٣ إلى ١٩ مارس ٢٠٢٣.  في عناوين الأسبوع:

في سنوية الحراك السوري، سوريون: ”الجهاديون سرطان التهم الثورة“

نتحدث اليوم إلى اثنين من أبناء الرقة من أوائل الناشطين هناك إبّان انطلاق الحراك السوري: أحمد السخني وزوجته نور الرفيع. نتحدث إليهما عن سقف الطموح والأمل والثقة بإحداث تغيير يخدم سوريا وشعبها في بداية الحراك السوري؛ وكيف تسلل الجهاديون إلى هذه الجغرافيا واختطف إنجازاتهم ومستقبلهم.

معارضو هيئة تحرير الشام يقرّون بـ“انتكاس“ الحراك السوري

مع استنزاف قيادات داعش في العراق والشام، أين باتت ”لعبة الأقنعة“؟

عرب سعيد ٢٣

يوم ١٣ مارس، وردت أنباء أن هيئة تحرير الشام داهمت قرية عرب سعيد غرب إدلب. ناشطون قالوا إن الهيئة استخدمت أسلحة ثقيلة في الاقتحام وإنها اعتقلت أفراداً على صلة على ما يبدو بقيادي مستقل يُدعى أبو الوفا.

“عرب سعيد” تكتسب أهمية خاصة لارتباطها ”بالانقضاض الكبير“ الذي به أحكمت هيئة تحرير الشام سيطرتها العسكرية على إدلب ومحيطها. في يونيو ٢٠٢٠، تشكلت غرفة عمليات فاثبتوا من مجموعات مستقلة أو منشقة عن الهيئة أبرزها تنظيم حراس الدين ممثلُ القاعدة في الشام ولواءُ المقاتلين الأنصار الذي تزعمه أبو مالك التلي المستقيل حديثاً عن الهيئة في ذلك الوقت. الاقتتال بين الهيئة ومكونات فاثبتوا وما رافقه من اعتقالات على مستوى قيادة فاثبتوا أنهت حراس الدين عملياً وقضت على العمل العسكري لشخصيات مثل التلي نفسه وأبي العبد أشداء.

بعد أحداث يونيو، توالت ملاحقة هيئة تحرير الشام للمقاتلين المستقلين أو المهاجرين. المعارضون اعتبروا ذلك ”تبيضاً“ لصفحة الهيئة حتى تكون ”مقبولة“ دولياً.

ولا يبدو أن هذا التوجه تغير اليوم. حساب أبو هادي على التلغرام – والذي يعرف عن نفسه بأنه ”إعلامي عسكري في الثورة السورية“ – يعتبر أن أبا محمد الجولاني، زعيم الهيئة، ما انفك يحاول أن ”يلصق اسم قرية عرب سعيد بفصيل حراس الدين لِيُوهم المدنيين و(جماعته) … أنهم يلاحقون عناصر وقادة الحراس وبالدرجة الأولى ليرضي … اتفاقيات أستانة وسوتشي التي تقضي بإنهاء التنظيمات الراديكالية المتطرفة”.

والحقيقة أن اقتحام أمنيي الهيئة للبلدات أو المخيمات التابعة لإدلب ليس أمراً جديداً؛ لكن اقتحام عرب سعيد هذه الأيام حمل معانٍ أخرى، إذ تزامن مع الذكرى الثانية عشر لانطلاق الحراك السوري في ١٥ مارس ٢٠١١.

ولهذا، رفع المتظاهرون في الحراك السوري المطالبون بانسحاب الهيئة من عرب سعيد وإطلاق سراح المعتقلين شعارات تُذكر بذلك اليوم؛ منها: ”طريق دمشق لا يمر من عرب سعيد.“ حساب مزمجر الثورة السورية علّق: ”قالوا خرجنا ضد النظام بثورة عارمة بسبب التشبيح والبطش والعربدة وهيئة الجولاني على خُطى النظام وبنفس النهج فاستعدوا لثورة جديدة.“

وفيما انشغل قسم آخر من أمنيي الهيئة بالتجهيز لفعاليات إحياء ذكرى الحراك، تساءل أحدهم بتوقيع ”أحد أبناء عرب سعيد“: ” ليش عم تعملو تجهيزات لذكرى الثورة، واليوم بتقولو لأهل عرب سعيد راح تكرهو اليوم الي طلعتو فيه ثورة.“

المرصد 184| في سنوية الحراك السوري.. سوريون: الجهاديون سرطان التهم الثورة

الذكرى ١٢

إذاً، أحيا السوريون الذكرى الثانية عشرة للحراك الشعبي الذي انطلق في 15 مارس 2011 وسط انقسام في التوجهات: منهم من اعترف بـ“انتكاسة،“ ومنهم من يرى أنها ”أثمرت“ فيما انشغل جهاديون بفتوى تحريم ”الاحتفال“ ودعا آخرون إلى ”ثورة ثانية“ لكن هذه المرة ضد الجولاني في إدلب!

أبو محمد الجولاني زعيم الهيئة ألقى كلمة رسمية في المناسبة، يؤكد فيها تفوق الهيئة. فلا يبدو أن الرجل يدعو إلى مراجعات من أي نوع. فقال إن ”الثورة“ مستمرة. بل اعتبر أن الهيئة هي من ستبني ”مجتمعاً“ و“عهداً حضارياً“ جديدين للسوريين، باعتبار أن الهيئة اليوم لم تعد فصيلاً بل كياناً متكاملاً انتقل إلى ”حال الانتظام والتفكير الاستراتيجي.“

عبدالرحيم عطون، القيادي الرفيع في الهيئة، علّق على صورة للـ ”سبع بحرات“ في إدلب وقال: ”هذه إحدى ثمار الجهاد … هذه إحدى نتائج الثورة … إدلب هي البداية … ودمشق … هي الغاية.“

لكن وجهة نظر معارضي هيئة تحرير الشام كانت مختلفة بعض الشيئ. أبو العبد أشداء، القيادي السابق في الهيئة ذو التوجه الجهادي ولكن المخالف ”لجهاد“ عطّون، أقرّ بـ ”الانتكاس“ وقال: ”معظم إخواني الذين التقيتهم من الفصائل الإسلامية أو من الجيش الحر … كان هدفهم إقامة (الشرع) … ولكن للأسف ذنوب وأخطاء أدت للتقصير في هذا الهدف والانتكاس عنه أحيانا. فلنجدد النية.“

الشرعي المنشق عن نسخة سابقة من الهيئة، الكويتي علي أبو الحسن والذي هجر إدلب وتركيا عائداً إلى بلده بسبب ملاحقة الهيئة، عدّد ”أسباب الانتكاسة الثورية،“ ومنها: ”انشغال كل فصيل بالغنائم … الانشغال بالعلاقات السياسية مع الشخصيات وأجهزة المخابرات للدول … وعيش أغلب أسر وأبناء النخب والقيادات في تركيا.“

ولفت في مناسبة الحراك السوري تعليق عام على الحال في إدلب وعلى سلوك هيئة تحرير الشام. حساب أس الصراع في الشام وهو حساب جهادي مخضرم، علّق على زيارة الجولاني إلى ”الخيام الثورية“ في ساحة السبع بحرات وقد التف حوله الناس بالهتاف والتصفيق واجتهد حرسه بإبعادهم عنه على أنغام العراضة الشامية. وقال: ”بقيتم ست سنوات تطاردوا فتيات المدارس لتلزموهم بالخمار والمانطو الطويل وتغلقوا المحلات أوقات الصلاة وتحرقوا الأراكيل، واليوم مقاهي الدانة و إدلب تعجّ بالأغاني والأراكيل وصارت مختلطة، وهاهو الجولاني يحضر الأغاني بنفسه.“

استنزاف قيادات داعش سوريا والعراق

تحت عنوان ”لعبة الأقنعة،“ كتب الحساب المتميز ”قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي“ متسائلين عن هوية الرجل الذي سيخلف أبا سارة العراقي أميراً للإدارة العامة للولايات، وهو مُسمّى يوازي رئيس اللجنة المفوضة محتلاً بذلك منصب الرجل الثاني في داعش بعد الخليفة المزعوم.

يعود الحساب ويؤكد أهمية أبي سارة العراقي، المعروف أيضاً باسم عبدالرؤوف المهاجر؛ فيكاد يجزم أن ”مؤسسات“ التنظيم التقليدية مثل اللجنة المفوضة ومجلس الشورى باتت كيانات ”هلامية“ غير موجودة، وأن أبا سارة هو من يمسك بزمامها جميعاً.

”فالقائم على مجلس الشورى هو نفسه أمير اللجنة المفوضة وهو نفسه أمير الإدارة العامة للولايات. ما تتغيرُ هي الأسماء والكنى والإمضاءات والأقنعة”.

المرصد 184| في سنوية الحراك السوري.. سوريون: ”الجهاديون سرطان التهم الثورة“ 

وعليه، ومع استنزاف قيادات التنظيم في العراق والشام، بات صعباً التكهن باسم الشخص المتنفذ التالي. لكن الحساب يرجح أن هذا الشخص، الثاني في هيكلة التنظيم، سيكون حتماً أحد أمراء الشام؛ بل إن أي شخص خارج الشام ”لن يكون لهم أي رأي في تنصيب الأمير الجديد أصلاً؛ فوظائفهم لا تتجاوز التهاني والتبريكات والسمع والطاعة.“

السباعي والدعاة وطالبان

لفت هذا الأسبوع منشور في قناة منظر الجهادية هاني السباعي من لندن ينتقد فيها ”الدعاة“ الذين زاروا أفغانستان في يناير الماضي والتقوا مسؤولي طالبان وقدموا لهم الولاء والدعم المعنوي.

يقول السباعي: ”على مدار ٢٠ عاماً لم نسمع لهم (هؤلاء الدعاة) صوتاً ولا كلمة مكتوبة أو مسموعة أو مرئية حول الدفاع عن … طالبان منذ حكم الملا محمد عمر.“

السباعي يعتبر أنه هو أفضل من هؤلاء باعتبار أن اسمه مدرج على قائمة دولية للإرهاب. ويقول: ”هؤلاء الشيوخ أحدهم كان من المنتكسين والآخر ليس له في العير والنفير إنما (بريستيج) الإقامة في تركيا وقطر بالإضافة إلى أهم شرط للمرور؛ أنهم دعاة مرضي عنهم من حكام البلاد التي يقيمون بها.“

لماذا نتوقف عند كلام السباعي هذا؟ أولاً، الجماعات الجهادية ومنظروها لا يتفقون إلا على الدم. الخلافات والمفارقات التي بينهم تثير السخرية أحياناً. وثانياً، هؤلاء الدعاة الذين لا يعجبون السباعي هم مثله يتنطعون للدفاع عن طالبان اليوم. وثالثا، السباعي ينتقد أن يكون هؤلاء ”مرضي عنهم من حكام البلاد التي يقيمون بها“ وهو الذي يعيش حراً في المملكة المتحدة يحميه فيها القضاء البريطاني وهو في عرف الجهاديين قضاء وضعي كفري.

في الحلقة ١٥٨ من هذا البرنامج تفصيل لجدل إقامة السباعي في لندن: كيف اعتاش زوراً على برنامج الإعانة البريطاني؛ منزله الذي يقدر بمليون جنيه إسترليني؛ ورحلاته السياحية إلى ويلز.