يدير داعش.. من هو القيادي أبو سارة العراقي الذي قُتل في سوريا؟

ذكرت مصادر مطلعة على التنظيمات الجهادية أن أبو سارة العراقي أو عبد الرؤوف، علي سلمان جاسم محمد الجبوري، أمير الإدارة العامة للولايات والتي عُرفت سابقًا باسم “إدارة الولايات البعيدة”، قُتل في غارة جوية استهدفته مع مرافقه، في 24 فبراير/ شباط الماضي، على طريق “قاح- دير حسان” في ريف إدلب، بشمال سوريا.

ويُوصف أبو سارة العراقي بأنه أحد أهم قادة داعش، والمسؤول عن إدارة التنظيم، لكن ما هي الهوية الحقيقية له؟

يعرف أبو سارة العراقي بعدد من الأسماء منها “كفوش”، وعبد الرؤوف المهاجر، واسمه الحقيقي علي سلمان جاسم محمد الجبوري من العراق، وكان يشغل منصب أمير الإدارة العامة للولايات الداعشية، وهي القيادة المركزية الفعلية لتنظيم داعش والمسؤولة عن تنسيق عمل الأفرع الخارجية.

من هو القيادي الداعشي أبو سارة العراقي الذي قُتل في سوريا؟

وتتواجد الإدارة العامة للولايات في سوريا، ويُفترض أنها تتبع اللجنة المفوضة لإدارة داعش، أعلى هيئة تنفيذية بعد ما يُعرف بديوان الخليفة ويُناط بها إدارة التنظيم، ويتولى أميرها متابعة أعمال الولايات الداعشية خارج العراق وسوريا، وتنسيق عملية الاتصالات والدعم المالي وغيرها من الأمور الهامة والمحورية في عمل داعش.

ووفقًا للمعلومات المتاحة عنه فإن أبو سارة العراقي، علي سلمان جاسم محمد الجبوري، ولد في قرية السلمان التابعة لمدينة بيجي العراقية في محافظة صلاح الدين، وكان “العراقي” عضوًا بمجموعة أبو علي الأنباري، نائب خليفة داعش سابقًا ورئيس ما عُرف بمجلس شورى المجاهدين في العراق الذي تشكل من عدة فصائل جهادية منها تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين “نواة داعش” عام 2006.

وانضم أبو سارة العراقي، في بدايات عمله الجهادي لجماعة أنصار السنة، التي تشكلت من بقايا جماعة أنصار الإسلام الكردية بقيادة أبو عبد الله الشافعي، لكنه بايع في عام 2004، أبو مصعب الزرقاوي، أمير تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، مع مجموعة أخرى من قادة “أنصار السنة” على رأسهم أبو علي الأنباري، وجرى تكليفه بالعمل في خلية تولت الاتصال بداعمي القاعدة خارج العراق، والتواصل مع القيادة العامة/ المركزية لتنظيم القاعدة (قاعدة خراسان).

من هو القيادي الداعشي أبو سارة العراقي الذي قُتل في سوريا؟

وشغل أبو سارة العراقي عدد من المناصب التنظيمية الهامة منها، منصب الأمير العسكري في محافظة صلاح الدين، إبان فترة بزوغ تنظيم دولة العراق الإسلامية، النسخة الأسبق لداعش، وعقب إعلان الخلافة المكانية في صيف عام 2014،  اختير “العراقي” عضوًا بمجلس شورى داعش.

التحكم في مجلس قيادة داعش

وفي هذا السياق، يقول مصدر على صلة مباشرة بالاستخبارات العراقية، رفض نشر اسمه لحساسية منصبه، إن أبو سارة العراقي أو عبد الرؤوف المهاجر كان يتحكم، خلال السنوات الأخيرة، في قيادة داعش العليا بما فيها خليفة التنظيم أبو الحسين الحسيني، الذي عُين في منصبه أواخر العام الماضي، مضيفًا أنه القيادي الأهم في داعش وأن الخليفة مجرد واجهة له.

وترجح مراسلات وشهادات مسربة من داعش أن أبو سارة العراقي كان يتحكم بمجلس شورى داعش، وهو الهيئة القيادية الأهم بالتنظيم والمسؤول عن اختيار خليفته.

وبحسب قناة “فضح عُباد البغدادي والهاشمي”، التي يديرها منشقون عن داعش فإن أبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر تبنى موقفًا يرفض تولي غير العراقيين القيادة العليا للتنظيم، وكانت الجنسية العراقية شرطًا أساسيًا لاختيار خليفة التنظيم الذي فرضه “العراقي” على الجميع بعد مقتل أبو الحسن الهاشمي، نور كريم الراوي العراقي، خليفة داعش السابق، منتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2022.

وبحسب القناة فإن عبد الرؤوف المهاجر أو أبو سارة العراقي فرض سطوته على مجلس شورى داعش بعد مقتل واعتقال غالبية أعضاء المجلس، وصار المتربع على قيادة مجلس الشورى والمسؤول عن ما يُعرف بأهل الحل والعقد في التنظيم، وأصبحت القرارات الكبرى في داعش تصدر من خلاله فقط، وكان المسؤول عن اختيار أبو الحسين الحسيني خليفة لداعش.

وبدوره، ذهب الباحث المصري أحمد كامل البحيري، في تقرير نشره عبر موقع مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، بعنوان “من هو زعيم داعش الجديد؟”، إلى أن أبو سارة العراقي قد يكون هو الخليفة الداعشي نفسه، وذلك بسبب الأدوار القيادية التي لعبها في التنظيم الإرهابي، مردفًا أنه تولى منصب أمير الإدارة العامة للولايات وليس مستبعدًا أن يكون الخليفة.

إدارة الأفرع الخارجية للتنظيم

إلى ذلك، لعب أبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر الدور الأبرز في قيادة وتوجيه الأفرع الخارجية لداعش عن طريق الإدارة العامة للولايات (إدارة الولايات البعيدة سابقًا)، كما يتبين من مراجعة العديد من المراسلات بينه وبين أمراء داعش في إفريقيا وغيرها من المناطق التي ينشط فيها داعش.

وأنشأت الإدارة العامة للولايات 8 مكاتب خارجية، والتي هي عبارة عن قيادات إقليمية لداعش، لإدارة التنظيم في إفريقيا وآسيا، وهي مكتب الشام أو مكتب الأرض المباركة، ويتواجد في سوريا ويشرف على مناطق سوريا ولبنان كما يتولى الإشراف على خلايا شبكات داعش في تركيا بعد حل مكتب الفاروق نتيجة حملة اعتقالات شنتها أجهزة الأمن التركية على كوادر التنظيم هناك عام 2022.

من هو القيادي الداعشي أبو سارة العراقي الذي قُتل في سوريا؟

ويرتبط مكتب الشام بـ6 مكاتب أخرى، هي مكتب الصديق ويتواجد في أفغانستان ويدير مناطق أفغانستان وباكستان والهند وإيران وطاجيكستان وغيرها، ومكتب الفرقان “غرب إفريقيا” يدير مناطق الساحل والصحراء وحوض بحيرة تشاد بما فيها نيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون، والكرار “الصومال” يدير مناطق الصومال وموزمبيق والكونغو الديمقراطية، والأنفال “ليبيا” يدير ليبيا والمناطق الغربية من الساحل الإفريقي، وذي النورين “سيناء”، وأم القرى “اليمن” يقع نطاق سلطته في اليمن وشبه الجزيرة العربية، وعبر هذه المكاتب تولى أبو سارة العراقي الإشراف على ولايات داعش الخارجية، ونقل الأموال بينها حتى يُثبت سلطته وسطوته على تلك الأفرع.

ووفقًا لمراسلة سابقة بين أبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر وعبد القادر مؤمن، أمير/ والي داعش في الصومال، فإن القيادي الأول كلف الفرع الصومالي بنقل أموال لولاية خراسان، فرع داعش في أفغانستان، وكذلك نقل أموال إلى تركيا واليمن والجزيرة العربية، لتمويل أنشطة التنظيم فيها.

وبحسب مصادر في وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” فإن الأموال التي نُقلت من الصومال عن طريق مكتب الكرار استُخدمت في تمويل هجمات في أفغانستان منها الهجوم على مطار كابل، في أغسطس/ آب 2021، والذي أدى لمقتل وإصابة العشرات من بينهم 13 جنديًا أمريكيا.

وتبين رسالة أخرى بين أبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر وأبو مصعب البرناوي، والي داعش (السابق) في غرب إفريقيا أن العراقي كلف “البرناوي” بالتنسيق مع فرع داعش في الساحل والصحراء، كما تبين المراسلات أن أبو سارة العراقي وجه بإنشاء معسكرات تدريبية لإعداد مقاتلي داعش في القارة الإفريقية في مناطق بجمهورية الكونغو الديمقراطية وموزمبيق وغيرها.

وتبرهن تلك الرسائل على الأهمية الكبرى التي كان يلعبها أبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر في قيادة داعش، وإدارة فروعه الخارجية.

الصراع ضد العراقيين

وعلى صعيد متصل، أشارت مصادر مطلعة على شؤون التنظيمات الجهادية، بجانب منشقين عن داعش عن وجود صراع بين أعضاء القيادة العليا لداعش، وخصوصًا بين العراقيين وغيرهم ممن يسعون للتخلص من سطوة المجموعة العراقية في داعش.

وقالت “قناة فضح عُباد البغدادي”إن هناك انقسامات بين ولاية العراق، وولاية الشام (سوريا) بسبب أن التقسيم الإداري بينهما وما ترتب عليه من وجود خلافات حول إدارة العمل ووقوع هجمات واعتداءات بين الأعضاء المنتمين لكلا الولايتين، مضيفةً أن ولايتي العراق والشام تتقاسمان تسيير ملفات السجناء والتي تشمل الإشراف على مخيمات الهول، وروج، وسجن غويران وغيره من السجون التي يُحتجز بها عناصر داعش، وذلك على حسب الأشخاص التابعين لكل مكتب في المخيمات أو السجون.

من هو القيادي الداعشي أبو سارة العراقي الذي قُتل في سوريا؟

وحسبما ذكرت القناة التي يديرها منشقون عن داعش فإن الانقسام والتنازع بين الولايتين أدى إلى تنفيذ الخلايا الأمنية التابعة لكل منهما المكتبين عمليات قتل وذبح وحرق خيم العوائل التابعين للمكتب/ للولاية الأخرى، وهو ما تسبب في توتر داخل التنظيم.

وأشار أنباء جاسم، المقرب من التنظيمات الجهادية في تدوينة عبر مدونته الشخصية، إلى وجود صراع في داخل داعش حاليا، وإلى وجود وشايات أدت لمقتل قادة عراقيين كبار بالتنظيم من بينهم أبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر، في غارة التحالف الدولي قبل نحو أسبوع.

ويبدو من تلك الشهادات أن الخلافات على السلطة والنفوذ تعصف في الوقت الحالي بقيادة داعش العليا، وأنها كانت وراء عملية استهداف قادة كبار بالتنظيم من بينهم والي العراق عبد الله مكي الرفيعي، الذي قُتل في عملية لجهاز مكافحة الإرهاب العراقي في وادي حوران، قبل أيام، وكذلك أبو سارة العراقي، الذي تؤكد مصادر مقربة من التنظيمات الجهادية أنه قُتل في سوريا.

وحتى الآن، لم يؤكد التحالف الدولي لدحر داعش (قوة المهام المشتركة- عملية العزم الصلب)، ولا القيادة المركزية الأمريكية ” CENTCOM”، حتى الآن، مقتل أبو سارة العراقي، حتى الآن، لكن يُحتمل أن يتم الإعلان عن استهداف القيادي العراقي بداعش في وقت لاحق.

وفي المقابل، يقول مصدر على صلة بالاستخبارات العراقية، إنه لم يتم التأكد من مقتل أبو سارة العراقي، بشكل جازم حتى الآن، لكن يتم العمل على ذلك في الوقت الحالي.