بينما كانت موجة التظاهرات الغاضبة تضرب العديد من بلدان المنطقة العربية، عام 2011، كان سيف العدل (محمد صلاح الدين عبد الحليم زيدان)، رئيس اللجنة العسكرية للقاعدة، يكتب من داخل مخبأه السري في الأراضي الإيرانية، سلسلة من الرسائل التوجيهية والتحريضية لمن يصفهم بـ”الثوار”، مركزًا في الجزء الأكبر منها على الدفاع عن تنظيم القاعدة، الذي انزوى واختفى وفشل في استثمار زخم الأحداث كما كان يرجو.

في وقت لاحق، نُشرت رسائل سيف العدل البالغ عددها 5 رسائل والموقعة باسمه الحركي الآخر “عابر سبيل” في مقال “الخمسة الشداد : مقالات جديدة من عابر سبيل” بتاريخ ٢٣ مارس ٢٠١١، عبر موقع “مافا” الإلكتروني الذي يديره صهره (“حماه” كما يُشتهر بالعامية المصرية) أبو الوليد المصري (مصطفى حامد)، لكن الأخير  غضب من كتابات زوج ابنته (أسماء)، المتعلقة بالقاعدة ونهجها، فرد عليه في مقالات مطولة واصفًا إياه وقيادات القاعدة والجهاد العالمي في مقال “نحن و لعبة الشطرنج ـ النقلة الأولى” بأنهم “بغال تحميل” استخدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الغربية في لعبة الشطرنج الدولية لتحقق مآربها في المنطقة، متهمًا إياهم بأنهم تسببوا في سقوط إمارة طالبان، وسفك الدماء في العراق، على حد تعبيره.

ورغم أن مصطفى مصطفى حامد أو أبو الوليد المصري، كما يُعرف في أوساط تنظيم القاعدة، دأب على انتقاد التنظيم، إلا أن كلماته التي رد بها على سيف العدل، كان لها وقع الصدمة عليه وعلى غيره من أتباع وأنصار القاعدة، إذ كشفت عن رؤية “أبو الوليد”  لصهره وزوج ابنته والذي يشغل حاليًا منصب نائب أمير القاعدة، بعد مقتله سلفيه أبو الخير المصري، وأبو محمد المصري.

سيف العدل العنيد.. ذكي لكن ليس كفاية!

فمنذ اللقاء الأول بين مصطفى حامد أبو الوليد وبين محمد صلاح زيدان”سيف العدل”، والذي تم عام 1991 وفق ما يرويه الأول في شهادته على “حقبة القاعدة”، دبت خلافات عديدة بين الرجلين، بسبب اختلاف وجهات النظر حول ما يُسمى بـ”العمل الجهادي ومشروع القاعدة”، فسيف العدل كان مؤيدًا لفكرة استقلال تنظيم القاعدة وعدم تقديمها دعمًا خارجيًا لأي مجموعة أخرى بما في ذلك “أبو الوليد” نفسه، بينما رأى الأخير في “سيف العدل” جهاديًا يتمتع بقدر محدود من الذكاء، لافتًا إلى أنه لم يكن من مؤسسي تنظيم القاعدة لكن مقتل القادة الكبار والمؤسسين صعد به إلى الصف الأول من قيادة القاعدة، على حد تعبيره.

ومع أن سيف العدل تسبب في تقليص دعم وتمويل القاعدة لمشاريع “أبو الوليد” ، إلا أنهما صار صديقين وتوطدت العلاقة بينهما، حتى ارتبطا بعلاقة مصاهرة، تزوج بموجبها الأول من ابنة الأخير، لكن تلك العلاقة لم تُغير من وجهة نظر “حامد” في صهره الذي يصفه بأنه “فلاح منوفي عنيد” (نسبة إلى محافظة المنوفية بدلتا مصر). كما ذكر في مقال “ذات يوم (10).. بن لادن في “حرب مياه” مع فلاحين مصر” المنشور بتاريخ ١٢ مايو ٢٠٢٢.

وجسدت العلاقة بين مصطفى حامد وصهره سيف العدل، العديد من التناقضات اللافتة في مسيرة كليهما، فعلى سبيل المثال سمح الأول بنشر مقالات وكتب الأخير، ومنها سلسلة  “الصراع ورياح التغيير” الشهيرة والموقعة باسم سيف العدل الحقيقي (محمد صلاح الدين زيدان) واسمه الحركي أيضًا “عابر سبيل”، إلا أنه بقي مقتنعًا أن سيف العدل وغيره من قيادات القاعدة تسببوا في دمار أفغانستان ومقتل الآلاف من شعبها، والقضاء على المجموعة المؤسسة لتنظيم القاعدة وكوادره الفاعلين جراء الغزو الأمريكي عام 2001.

بطل المعارك الكارتونية المطلوب للمحاكمة الجهادية

وبناءً على رؤيته السابقة، اعتبر مصطفى حامد (أبو الوليد المصري)، في مقاله المعنون بـ”نحن ولعبة الشطرنج.. النقلة الأولى : 11 سبتمبر بين القاعدة وطالبان” أن سيف العدل هو بطل المعارك الكارتونية الذي يحاول ترويج صورة مثالية عن تنظيم القاعدة، وتصويره بأنه لم يخطئ في قراره بشن هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، منوهًا إلى خطورة أسلوب “حجب الحقيقة ونشر أبخرة التفاؤل الكاذب والأوهام المخدرة للأعصاب”، الذي يتبعه سيف العدل، على حد وصفه.

وطالب أبو الوليد المصري بتقديم سيف العدل وغيره من قيادات القاعدة إلى “محاكمة جهادية” لمحاسبتهم على الجرائم التي ارتكبوها ومنها هجمات 11 سبتمبر التي تسببت في رد فعل مدمر أسقط حكم حركة طالبان، وأدى لمقتل الآلاف من الأفغان، مردفًا أنه سبق له أن دعا، في أواخر ثمانينات القرن الماضي، لمحاكمة أسامة بن لادن وأبو عبيدة البنشيري، وأبو حفص المصري (الذي سبق سيف العدل في إمارة اللجنة العسكرية لتنظيم القاعدة) وإعدامهم.

ومن الجدير بالملاحظة أن سيف العدل الذي دافع في سلسلة مقالاته الموقعة باسم “عابر سبيل” عن تنظيم القاعدة وهجمات 11 سبتمبر، هو نفسه الذي رفض تنفيذ الهجمات، وطلب من خالد شيخ محمد (مسؤول العمليات الخارجية بالقاعدة سابقًا) التوقف عن العمل الخارجي الذي دمر تنظيم القاعدة وألقى بكوادره في النيران دون تحقيق أي فائدة، كما دعا لمحاكمة قيادات القاعدة ومنهم أسامة بن لادن نفسه، قبل أن يناقض ذاته ويدافع عن التنظيم- ردًا على هجوم مصطفى حامد- حتى لا يتورط في إدانة نفسه بسبب كونه واحدًا من مسؤولي القيادة العليا للقاعدة.

رجل إيران وعدو “تحرير الشام”

وتدلل الوقائع السابقة على نهج سيف العدل البراجماتي والذي يخضع لرؤيته ومصالحه الذاتية بغض النظر عن الاعتبارات الأخرى، ولعل تلك البراجماتية هي التي دفعته نحو البقاء داخل إيران، حتى بعد إبرام تنظيم القاعدة لصفقة تبادل أسرى مع طهران في عام 2015، أُفرج بموجبها عن 5 من قيادات القاعدة منهم سيف العدل، واختار 3 من المفرج عنهم السفر إلى سوريا (أبو الخير المصري، وأبو القسام الأردني، وساري شهاب)، بينما بقي سيف العدل، وأبو محمد المصري (النائب السابق لأمير القاعدة- قُتل في 2021)، داخل إيران، تحت حماية من وزارة الأمن والاستخبارات الإيرانية”إطلاعات”.

وفي حين، تولى أبو الخير المصري مسؤولية التواصل والتنسيق مع مجموعة الجهاديين السوريين الذين أنشأوا جبهة النصرة والتي باتت تُعرف حاليًا بـ”هيئة تحرير الشام” بعد فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، ظل سيف العدل يتدخل في شؤون الفرع السوري (السابق) للقاعدة، ويُرسل رسائل  لأمير التنظيم أيمن الظواهري تتضمن تحريضًا على المجموعة السورية، وهو ما أدى لنشوء شقاق جهادي بينهما، حسب ما يرويه عبد الرحيم عطون (أبو عبد الله الشامي)، الشرعي العام لهيئة تحرير الشام.

سيف العدل في عيون خصومه: رجل إيران و"بغل التحميل" المدافع عن القاعدة

وذكر أبو عبد الله الشامي- في رسالة سابقة رد فيها على وصف أيمن الظواهري للهيئة بأنها نقضت بيعة تنظيم القاعدة وخانت الميثاق الجهادي بينهما- أن سيف العدل لعب دورًا بارزًا في إثارة الشقاق الجهادي بين القاعدة ومجموعة هيئة تحرير الشام وعلى رأسها أبو محمد الجولاني، مضيفًا أن سيف العدل استغل وجوده داخل ما عُرف بـ”لجنة القيادة الثلاثية”- في ظل غياب أيمن الظواهري وانقطاعه عن التواصل مع الفرع السوري (السابق)- في محاولة فرض رؤيته على المجموعة السورية، وهو ما قُوبل برفض شديد من السوريين في نهاية المطاف.

وألمح الشامي”، ضمنيًا، في رسالته المذكورة إلى أن سيف العدل هو “رجل إيران” داخل تنظيم القاعدة، متهمًا إياه بأنه عمل على ضرب مشروع الهيئة واستغل اسم تنظيم القاعدة لتحقيق مصالحه الذاتية.

سيف العدل في عيون خصومه: رجل إيران و"بغل التحميل" المدافع عن القاعدة

أبو عبد الله الشامي يُلمح إلى أن سيف العدل رجل إيران – المصدر رد عبد الرحيم عطون على أيمن الظواهري

وأوضح أبو عبد الله الشامي أنه بعد وصول أبو الخير المصري والذي كان مُستخلفًا من قبل أيمن الظواهري للتنسيق مع الفرع السوري (السابق) للقاعدة، إلى سوريا جرى تشكيل لجنة قيادة ثلاثية مؤقتة ضمت إلى جانبه أبو محمد المصري وسيف العدل، وكان يُفترض بتلك اللجنة أن تقوم بمهام التوجيه والتنسيق مع المجموعة السورية لكن أبو محمد الجولاني وغيره من قيادات المجموعة السورية رفضوا إقرار تلك اللجنة بسبب وجود أبو محمد المصري، وسيف العدل في إيران والموصوفة بأنها عدوة للثورة السورية.

غير أن سيف العدل واصل تدخله في شؤون الفرع السوري (السابق) مستفيدًا من وجود اتصالات بينه وبين مجموعة من القيادات الموجودة في شمال سوريا من بينهم أبو القسام الأردني، وسامي العريدي، وأبو همام الشامي (السوري) أمير تنظيم حراس الدين فرع القاعدة الحالي ، وبتحريض من الأول اعترض “الأردني” وغيره من الجهاديين المرتبطين بالقاعدة على فكرة فك الارتباط بين جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام حاليا) وبين القاعدة، والذي تم بإعلان تأسيس جبهة فتح الشام في يوليو/ تموز 2016، بعد التشاور مع أبو الخير المصري، وقيادات مجلس شورى جبهة النصرة الذين وافق 60 من اصل 65 منهم على قرار فك الارتباط مع القاعدة، على حد قول أبو عبد الله الشامي.

وعقب إعلان تشكيل جبهة فتح الشام، خاض سيف العدل حربًا ضد قيادات الجبهة، وأرسل رسالة إلى أيمن الظواهري وصف فيها الخطوة بأنها مرواغة للتخلص من بيعة تنظيم القاعدة ونقض العهد معها، وهو ما دفع “الظواهري” إلى إرسال رسالة للمجموعة السورية تنص على رفض فك الارتباط أو حل جبهة النصرة، وبمرور الوقت تعقدت الأمور بين الطرفين إلى أن جرى قطع كل الصلات بينهما، واعتقال المجموعة التي تتواصل مع سيف العدل من قبل أمنيّ هيئة تحرير الشام، في أواخر عام 2017، قبل أن يتم الإفراج عنهم في وقت لاحق.

سيف العدل في عيون خصومه: رجل إيران و"بغل التحميل" المدافع عن القاعدة

سيف العدل حرض أيمن الظواهري على أبو محمد الجولاني ورفاقه السوريين- المصدر رد أبو عبد الله الشامي على أيمن الظواهري

وألمح أبو عبد الله الشامي، إلى أن الشقاق والخلاف بين القاعدة وهيئة تحرير الشام يتحمل مسؤوليته سيف العدل الذي كان يُشغب ويطعن في المجموعة السورية ويصفها بأنها تُحقق مصالح “الكفر العالمي”، على حد تعبيره.

وعلى ذات الجهة، حرض سيف العدل أنصاره في سوريا ومن بينهم أبو القسام الأردني، على تشكيل فصيل جهادي مغاير لهيئة تحرير  الشام، وهو ما تُوج في النهاية بالإعلان عن تأسيس تنظيم “حراس الدين” في فبراير/ شباط 2018، وأدى لاندلاع الصراع الجهادي المسلح بين القاعدة وهيئة تحرير الشام في شمال سوريا، والذي لا زال مستمرًا، حتى الآن.

سيف العدل في عيون خصومه: رجل إيران و"بغل التحميل" المدافع عن القاعدة

هيئة تحرير الشام تكشف أسباب القبض على قيادات القاعدة  المصدر رسالة هيئة تحرير الشام للكشف عن سبب اعتقال قيادات القاعدة- في سوريا

“يهود الجهاد”

ومن جهته، يرى تنظيم داعش ومناصريه أن قيادات تنظيم القاعدة، بما فيهم سيف العدل، “طائفة مرتدة” عن الإسلام، ويدعو لاستهدافهم وقتلهم بسبب خلافاتهم مع داعش، كما سبق لداعش أن وصف قادة القاعدة بأنهم “يهود الجهاد” زاعمًا أن قيادة القاعدة العليا خططت لاختراق داعش والسيطرة عليه من الداخل، بتعبير  “أبو ميسرة الشامي”، عضو لجنة الرقابة المنهجية ونائب أمير ديوان الإعلام المركزي بداعش سابقًا.

واعتبر المتحدث الأسبق باسم داعش “أبو محمد العدناني”، في كلمة صوتية سابقة له بعنوان “ما كان هذا منهجنا ولن يكون” أن قادة القاعدة غيروا نهجه وحرفوا مساره الجهادي إلى نهج يجري خلف الحاضنة الشعبية،ويؤمن بالثورات الشعبية والهبات الجماهيرية لا الجهاد المسلح، وهو بذلك يشير صراحة إلى كتابات سيف العدل التي ضمنها في سلسلة كتب “الصراع ورياح التغيير” والتي ركزت على  التنظير لفكرة الثورات والانتفاضات الشعبية كأساس للتغير، خلافًا لما كان يدعو له تنظيم القاعدة سابقًا من اعتماد السلاح كوسيلة وحيدة للتغير.

عمرو عبد المنعم: سيف العدل لا يصلح لقيادة القاعدة

إلى ذلك، يرى الدكتور عمرو عبد المنعم، الباحث في الشأن الجهادي والذي له معرفة طويلة بتنظيمي الجهاد المصري، والقاعدة، أن سيف العدل لديه مشكلتين أساسيتين تحولان دون وصوله إلى إمارة القاعدة العليا، وهما: علاقته بإيران، ورؤيته النقدية للتنظيم والتي دونها في العديد من كتاباته ومراسلاته وحاكى فيها صهره مصطفى حامد.

وأضاف “عبد المنعم” في تصريحات خاصة لـ”أخبار الآن” أن الرمزية التي يحظى بها سيف العدل داخل تنظيم القاعدة استُمدت من كونه قائدًا له خبرة عسكرية فعلية داخل جيش نظامي، بجانب مشاركته القتالية في معارك مع تنظيم القاعدة، مشيرًا إلى أن صعود سيف العدل إلى منصب نائب أمير القاعدة حاليًا، لم يكن ليتم لولا اختراق قيادة القاعدة ومقتل أمراءه البارزين وعلى رأسهم أبو الخير المصري وأبو محمد المصري، وأبو بصير الوحيشي اليمني والذين كان يفترض بهم أن يتولوا الإمارة العامة للقاعدة حال قُتل أيمن الظواهري أو تُوفي.

وتجدر الإشارة إلى أن سيف العدل (محمد صلاح الدين زيدان) خدم كضابط احتياط فقط بسلاح المظلات بالجيش المصري، مما يعني أنه لم يتجاوز بأي حال من الأحوال رتبة الملازم أول (رتبة صغيرة)، ولم يتول مناصب قيادية أو يترقى إلى رتبة المقدم أو يتدرب في مجموعات مكافحة الإرهاب بسلاح الصاعقة المصرية، بعكس ما روج بعض الجهاديين في دعايتهم له، وبعكس ما ورد في مقال “السيرة الذاتية للقائد الذباح أبو مصعب الزرقاوي” والذي يُزعم أن سيف العدل كتبه، رغم أن قيادة القاعدة، وعلى رأسها أسامة بن لادن، تؤكد في مراسلات آبوت آباد أنه مقال مكذوب وأن الوقائع التي تضمنها لم تحدث، كما أن المقال يخلط بين سيف العدل والعقيد السابق محمد مكاوي والذي لم يكن يومًا من أعضاء أو أنصار القاعدة.

سيف العدل في عيون خصومه: رجل إيران و"بغل التحميل" المدافع عن القاعدة

إلى ذلك، وصف الباحث في الشأن الجهادي سيف العدل بأنه يميل لـ”مركزية القيادة” ويرغب في أن يجمع خطوط قيادة تنظيم القاعدة وأفرعه الخارجية بيديه، رغم أن التنظيم تحول للعمل بنمط “الإقليمية الجغرافية” خلال الفترة التي تلت هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، متوقعًا أن يخلق أسلوب سيف العدل مشكلات أمنية في داخل القاعدة كما يؤدي إلى إثارة الشكوك بشأن علاقته بالاستخبارات الإيرانية وبالتالي تعزيز حالة “اللا أمن” التي يمر بها التنظيم، في الفترة الراهنة.

ولفت الدكتور عمرو عبد المنعم إلى أن القاعدة لم يعد أمامها خيارات عديدة للأشخاص المرشحين لإمارة التنظيم في مرحلة ما بعد أيمن الظواهري وهو ما يزيد من فرص وصول سيف العدل إلى إمارة التنظيم، مبينًا أن ترشح سيف العدل لهذا المنصب سيثير العديد من التساؤلات حوله، خاصةً مع استمرار علاقته بالاستخبارات الإيرانية ووجود أفرع من القاعدة معترضة على شخصية سيف العدل وتوليه الإمارة العامة للتنظيم، ومنها فرع شبه الجزيرة العربية، وفرع المغرب الإسلامي.

الخلاصة:

وبناءً على ما سبق، يمكن القول إن سيف العدل، الذي يصوره تنظيم القاعدة كقائد كاريزمي، لا يبدو أنه يتمتع بالمواهب اللازمة لقيادة التنظيم بالفعل، إذ يرى أصدقاءه وخصومه أنه لا يمتلك الذكاء الكافي لأداء مهامه، كما أنه يتصف بالبراجماتية والتي تضاف إلى قائمة طويلة من الصفات غير الحميدة التي يُوصف بها الرجل الثاني في القاعدة من قبل خصومه، فضلًا عن أنه لم يكن يومًا قائدًا عسكريًا مخضرمًا ففي الحقيقة خدم كضابط احتياط فقط في سلاح المظلات، في الثمانينيات، وهو ما يعني أنه لم يتجاوز رتبة الملازم أول (أعلى مرتبة قيادية يتولاها الملازم أول في الجيش، هي “قائد سرية” بمعنى أنه يقود مجموعة محدودة من الجنود فقط)، وذلك بعكس ما ادعاه بعض قيادات القاعدة ورفاق سيف العدل- منهم مصطفى حامد نفسه- ونشر في المقال المفبرك الشهير: “السيرة الذاتية للقائد الذباح أبو مصعب الزرقاوي” بأن سيف العدل كان مقدمًا بالقوات الخاصة المصرية وتدرب في وحدات مكافحة الإرهاب قبل أن يلتحق بالقاعدة، وهو ما نفاه أسامة بن لادن نفسه كما بينا في مقالنا السابق المعنون بـ: “سيف العدل في وثائق آبوت آباد: براجماتي ومتمرد وغير صالح لقيادة القاعدة”.

ومن الملاحظ أن أصدقاء سيف العدل قبل خصومه، يدركون أنه شخصية عنيدة ومثيرة للجدل وتسبب ذلك في مشكلات عديدة داخل تنظيم القاعدة، لا سيما في السنوات الأخيرة، فمع اختفاء وغياب أيمن الظواهري عن المشهد، اكتسب سيف العدل استقلالية أكبر وأصبح له سلطة أكبر للتصرف داخل تنظيم القاعدة، لكن تصرفاته سببت مشكلات عدة داخل التنظيم، في ظل رواج شكوك واتهامات وشواهد قوية بأن نائب أيمن الظواهري (سيف العدل) أصبح مصابًا بـ”متلازمة طهران”، التي يقيم بها، وهو ما يجعله يخدم مصالح إيران، بينما يتراجع تنظيم القاعدة ويواجه تحديات وجودية ويواصل الانزواء والتقهقر.

وعلاوة على ذلك، يُتهم سيف العدل بأنه سبب في انقسام القاعدة واندلاع الصراع الجهادي مع هيئة تحرير الشام، وهو ما يثير شكوك حول قدراته على احتواء أفرع القاعدة الخارجية التي تبتعد عن القيادة المركزية (قاعدة خراسان) شيئًا فشيئا وتركز على مشاريعها الخاصة دون الالتفات إلى أيمن الظواهري أو نائبه سيف العدل، بما يهدد وجود واستمرار التنظيم من الأساس.