تحقيق العدالة وتفعيل المحاسبة لتصحيح المسار السياسي في العراق
في عشرين دقيقة
تحقيق العدالة وتفعيل المحاسبة لتصحيح المسار السياسي في العراق
/

تحقيق العدالة وتفعيل المحاسبة لتصحيح المسار السياسي في العراق

شاهو القره داغي

راديو الآن | دبي- الإمارات العربية المتحدة انحرف مسار المنظومة السياسية في العراق نتيجة لتراكم الاخطاء وانتشار الفساد وغياب العدالة والافلات من العقاب، والذي أدى إلى فقدان ثقة العراقيين بمؤسسات الدولة والسلطات الرسمية ودخول البلاد ...

تابعوا البرنامج على تطبيقات البودكاست

راديو الآن | دبي- الإمارات العربية المتحدة

انحرف مسار المنظومة السياسية في العراق نتيجة لتراكم الاخطاء وانتشار الفساد وغياب العدالة والافلات من العقاب، والذي أدى إلى فقدان ثقة العراقيين بمؤسسات الدولة والسلطات الرسمية ودخول البلاد في حالة فوضى وانسداد سياسي نتيجة لهذه العموال، مايتطلب خطوات تتسم بالشجاعة والوضوع من قبل الفاعل السياسي لتحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين في الجرائم وتطبيق القانون على الجميع لإعادة تصحيح المسار السياسي وكسب ثقة المواطنين من جديد.

 إعداد و تقديم: شاهو القره داغي

ضيف الحلقة الكاتب العراقي الدكتور جاسم الشمري

نص الحلقة :

شاهو : " تحقيق العدالة وتفعيل المحاسبة لتصحيح المسار السياسي

انحرفت مسار القضاء ومؤسسات الدولة العراقية خلال الفترة الماضية نتيجة للكثير من العوامل والأسباب أبرزها الافلات من العقاب ونجاح الميليشيات والفصائل المسلحة من توفير حصانة لنشاطاتها وحماية نفسها من المساءلة ويرى العراقيون أن تحقيق العدالة وتفعيل المسائلة والمحاسبة يقدمان الضمان الحقيقي لتصحيح مسار الدولة العراقية والقضاء وإعادة بناء ثقة المجتمع بهذه المؤسسات في حال وُجدت إرادة حقيقية من قبل الحكومة الجديدة بقيادة محمد شياع السوداني لإدارة البلاد بصورة مختلفة وتفضيل مصالح المواطنين على مصالح ومنافع السياسيين و الأطراف السياسية .

مرحبا بكم في حلقة جديدة من بودكاست في عشرين دقيقة، نتحدث فيها عن ضرورة تفعيل المحاسبة والمساءلة وتحقيق العدالة في ملفات كثيرة كخطوات أولية في مسار إعادة تصحيح المسار السياسي في البلاد.

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن نجاح حكومته في إسترداد الوجبة الاولى من سرقة أموال الضرائب المعروف بسرقة القرن، حيث أكد على أن السلطات المختصة تمكنت من إرجاع الوجبة الأولى من الأموال المسروقة والبالغة أكثر من 182 مليار دينار.
وأضاف أن هناك جهات داخل هيئة الضرائب وأخرى رقابية ومسؤولة سهلت عملية السرقات، وأردف قائلاً "سنعلن عن الجهات التي سهلت عملية سرقة الأمانات بعد إكمال التحقيقات.
كما صرح رئيس هيئة الاتحادية بأن تهريب أموال الأمانات الضريبية خارج العراق لم يكن سهلاً وهنالك مصرفان أهليان وشخصيات شاركوا كلهم بتهريبها".
وتابع رئيس هيئة النزاهة أن "مشروع الحكومة حقيقي بمكافحة الفساد ولاسيما بمشاركة القضاء وسيؤدي ذلك إلى نتائج مثمرة"، مؤكدا أن "عقوبة المتهمين ستكون حسب الوظيفة التي يشغلونها وسيحدد ذلك القضاء على وفق القانون.
تأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد مطالبات العراقيين بضرورة اتخاذ خطوات حقيقية وسليمة من قبل الدولة لتجنب الانهيار في ظل تغلغل الفساد داخل مؤسسات الدولة ونجاح الفاسدين من الإفلات من العقاب، وشهد العراق منذ عام ٢٠٠٣ وحتى اليوم الكثير من الكوارث و الفضائح وحالات سرقة واختلاس الأموال وبمبالغ طائلة، ما أدى إلى عرقلة المشاريع الخدمية والبنى التحتية بصورة مباشرة، حيث وصل عدد المشاريع الوهمية و المتلكئة الى أكثر من ٦٠٠٠ مشروع ما أثر سلبا على الوضع المعيشي والخدمي
لملايين المواطنين العراقيين الذين يستحقون خدمات أفضل في ظل الثروات التي يتمتع بها العراق.

يتحدث جميع السياسيين عن ضرورة إصلاح الوضع السياسي وبناء عقد إجتماعي جديد و تدارك الأمور قبل فوات الأوان ، إلا أن القليل منهم يدركون حجم المخاطر التي تواجه مستقبل ومصير الدولة العراقية في ظل تصاعد التحديات الداخلية والخارجية وتفاقم المشاكل وغياب أفق الحل وتوسع الهوة بين الشعب النظام وخاصة في ظل الفشل المتكرر في الاستجابة لأبسط مطالب العراقيين.

وبخصوص هذه النقطة نتحدث مع الباحث السياسي العراقي الدكتور جاسم الشمري ونسأله أولا:
انحرفت مسار القضاء والدولة خلال الفترة الماضية نتيجة للإفلات من العقاب ونجاح المتورطين في الفساد من توفير حصانة لأنفسهم وحمايتهم من السائلة، ماهي الخطوات المناسبة التي تراها ضرورية خلال المرحلة القادمة لتصحيح المسار السياسي للدولة وانقاذ العراق من حتمية الانهيار ؟ "

الدكتور جاسم الشمري : " مما لاشك فيه ان الارهاب والفساد هما وجهان لمؤامرة واحدة على أي بلد من البلدان وأظن ان الحالة العراقية القائمة اثبتت ان الفساد في بناء الدولة وفي غالبية مؤسساتها لا يقل خطورة عن الارهاب فبالتالي حينما يكون الفساد مدعوما او محميا من بعض أجنحة القضاء هنا تكون الكارثة فبالتالي يفترض ان تكون البداية من القضاء بالتوازي مع العمل التنفيذي من قبل الحكومة ، يفترض ان تكون الترتيبات القضائية وبإرادة حقيقية حكومية للقضاء على الفاسدين اما حينما يكون الفاسد مدعوما او محميا من قوة متنفذة فبالتالي اعتقد انه لا يمكن لأي قوة ان تعالج الحالة السلبية المتمثلة بأحد وجوها بالفساد المالي والاداري الموجود في العراق اليوم "

شاهو : " اعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني عن اعادة جزء من الاموال المسروقة في عملية (سرقة القرن) كيف ترى هذه الخطوة وهل يساهم في انهاء استنزاف اموال الدولة بصورة او بأخرى؟ "

الدكتور جاسم الشمري : " لاشك ان هذه الخطوة ، خطوة استعادة بعض الأموال المسروقة فيما سمي عملية سرقة القرن هي خطوة جيدة لكن ما هو مقدار هذه الأموال المستردة قياسا بأقل تقدير ٣٥٠ مليار دولار التي أعلن عنها رئيس الجمهورية حينها برهم صالح وفي أعلى تقدير هنالك يعني أنباء تتحدث عن ألف مليار هذا المبلغ لا اعتقد انه يساوي الشي الكبير امام حقيقة الفساد الموجود في الدولة وبالتالي من يريد ان يستعيد الأموال العراقية عليه ان يستعيدها بالمليارات وليس بالملايين نهبت الأموال بمليارات الدولارات ومستعيدة اليوم بمليارات الدنانير العراقية ومعلوم هنالك فرق كبير ما بين صرف الدولار والدينار اذا هذه الخطوة جيدة لكن يفترض ان تكون خطوة حقيقية تشمل كافة السراق من المحمين من الأحزاب والقوى الفاعلة في البلاد والا هي مجرد يعني استعادة لبعض الأموال التي ربما هي يعني تعادل ما مقداره يوم او يومين من انتاج النفط العراقي اذا المطلوب هو استعادة الغالبية العظمى من الأموال المسروقة والتي تقدر ما بين ٣٥٠ مليار دولار الي الف مليار دولار "

شاهو : " وأخيرا نرى من خلال التطورات الأخيرة ان هناك اهتماما كبيرا بالحكومة الجديدة وهناك دعم أمريكي يجسده خطوات السفيرة الاميركية في بغداد لحكومة السوداني، هل برأيك سيساهم هذا الدعم في إبعاد السوداني عن المعسكر الإيراني والتركيز على مصالح العراق؟ ام سيتكرر تجربة المالكي ولكن بصورة مختلفة و بشخصيات أخرى ؟ "

الدكتور جاسم الشمري : " المتابع للشأن العراقي يعلم ان السفيرة الأمريكية الجديدة ببغداد التقت بالسوداني لأكثر من ٨ مرات نصف هذه اللقاءات كانت قبل ان يتسلم منصب رئاسة الحكومة وقيل بموجب العراق انها لدراسة تعزيز العلاقات بين الطرفين و يعني استمرار التعاون في محاربة الارهاب وغيرها من الأشياء المنمقة لكن اعتقد انه الغايات أبعد من ذلك ربما هنالك ضغوطات أمريكية حقيقية على السوداني وربما هنالك املاءات هذه الضغوطات ربما اريد من خلالها الضغط على السوداني للابتعاد عن المعسكر الايراني من جهة ولمكافحة الارهاب من جهة ثانية بدليل ان السفيرة الامريكية وبعد يومين من لقائها بيوم 20 من شهر 11 التقت السوداني ثم بعد 48 ساعة التقت مع محافظ البنك المركزي ومدير المصرف العراقي للتجارة وهذه حقيقة أولا غريبة من الناحية البروتوكولية وثانيا تؤكد ان هنالك رغبة أمريكية لمعالجة قضية الفساد المالي ربما هذه اللقاءات لها جانب من امكانية تفعيل الاتفاقية الأمنية ما بين بغداد وواشنطن وبالذات مع الهجمات الايرانية المتكررة على اقليم كردستان اذا هنالك العديد من أوجه الضغط الأمريكي او الادارة الأمريكية راغبة بين تبعد السوداني عن المعسكر الايراني وفي الحالة القائمة اليوم وحتى الوقت الحاضر اعتقد ان هذا الأمر ليس بهذه السهولة بسبب ان من رشحوا السوداني غالبيتهم العظمى وهنا أتحدث عن الاطار التنسيقي غالبيتهم العظمى من المقربين لإيران ولديهم القدرة على يعني ابعاد او اقالة السوداني عبر مجلس النواب ، القضية ربما تظهر خلال المرحلة القادمة واعتقد ان هنالك رغبة امريكية حقيقية في الضغط على السوداني للابتعاد عن المعسكر الايراني "

شاهو : " في مقال للسياسي العراقي محمد توفيق علاوي بعنوان مقترحات لإنقاذ العراق من انهيار حتمي، يقول فيه الكل يعرف أن نظام المحاصصة القائم حالياً تسبب في تراجع البلاد وبشكل كبير خلال العشرين سنة الماضية، لان اغلب افراد الكابينة الوزارية هم تابعون للأحزاب، واغلب هؤلاء الوزراء يعملون لمصالحهم الخاصة ومصالح الجهة التي رشحتهم، ومع ذلك بقيت شؤون البلد تمضي وإن كانت بشكل متعثر ولكن من دون وجود مخاطر حقيقية لانهيار البلد، ولكن الآن العراق متجه الى انهيار حتمي ما لم ننهي المحاصصة والتي لا يمكن انهائها إلا بالنظام الرئاسي او شبه الرئاسي.

ويبدو واضحا أن السياسيين الذين يعترفون بالفشل والقرب من الانهيار لا يقدمون مقترحات عملية لمعالجة المشاكل والحيلولة دون الانزلاق الى الخراب، بل يقتصر اقتراحاتهم على تغيير النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي، وهذا لا يضمن حدوث تغييرات حقيقية، لأن هذه الأطراف المتورطة بالفساد قادرة على التكيف مع النظام الجديد في حال تغييره نظراً لإمتلاك المال والسلاح والنفوذ داخل الدولة.
ومن الواضح أن المقترحات المنطقية هي التي تُساهم في إحداث تغييرات مباشرة وفورية وتشارك في تحسين حياة المواطنين وإنقاذ النظام السياسي بصورة سريعة، ومن ضمن هذه الخطوات الضرورية قيام الحكومة الحالية بتنفيذ الوعود بخصوص حصر السلاح بيد الدولة والتعامل مع أكثر من 80 ميليشيا موجودة بصورة حازمة دون أي مجاملات سياسية للأطراف التي ترعى هذه الميليشيات، وسوف يساهم هذه الخطوة في تحقيق الكثير من الأهداف، منها إعطاء صورة إيجابية للحكومة الحالية لدى المواطنين في الداخل والاطراف الاقليمية والخارجية، ويؤكد وجود دولة حقيقية قادرة على فرض الأمن والقانون على الجميع، ويفتح المجال أمام الاستثمارات الخارجية للقدوم إلى العراق بعدما هربت خوفاً من الاتاوات والابتزاز الذي تقوم به الميليشيات الموالية لإيران ، إضافة إلى معالجة ملف النازحين عن طريق التمهيد لعودتهم إلى مناطقهم المحتلة من قبل الفصائل المسلحة الموالية لإيران والتي حولت الكثير من المناطق المدنية إلى مناطق عسكرية او سجون سرية او مصانع لصنع الصواريخ ومنع الأهالي من العودة إليها مثل منطقة "جرف الصخر" و "سنجار" وغيرها من المناطق.
كما أن تفعيل المحاسبة والمسائلة بحق الجميع سوف يساهم بصورة مباشرة في تقوية الدولة والتصالح مع الداخل، حيث أن العراق ما زال يتصدر مشهد مؤشرات قائمة الإفلات من العقاب التي تصدرها لجنة حماية الصحفيين، حيث احتل العراق المركز الثالث بعد الصومال وجنوب السودان، من حيث إفلات قتلة الصحفيين من العقاب، بحسب آخر تقرير للجمعية عام 2021"
ولا يقتصر الإفلات من العقاب على قتلة الصحفيين والناشطين، بل على الكثير من جرائم القتل والتعذيب والتغييب والخطف والتهديد الذي يتعرض له شريحة كبيرة من المواطنين في ظل عجز القضاء او مؤسسات الدولة عن محاسبة المتورطين بهذه الجرائم بسبب السلاح الميليشياوي أو سلاح العشائر الذي يوفر أحيانا الحماية لهذه الأطراف التي تتجاوز على القانون وعلى حقوق المواطنين.

كما ان تصحيح المسار السياسي للدولة ومنع الانهيار يتطلب الإرادة السياسية الحقيقية والشجاعة الكافية لاتخاذ مجموعة خطوات دون الاكتراث بمصالح الميليشيات الموالية لإيران والتي تُعرقل أي خطوة لبناء دولة قوية وتعمل بكل جهودها على بقاء الدولة في حالة ضعف حتى تستطيع أن تستفيد من هذه البيئة وتقوم بنشاطاتها بصورة مريحة دون أي عراقيل من اجهزة الدولة الامنية والعسكرية.

و في ظل الاهتمام الإقليمي والدولي بالحكومة العراقية الحالية وموقع العراق الاستراتيجي على خريطة الطاقة العالمية من الممكن ان يستغل العراق هذه الفرص لتقوية الداخل عن طريق إعادة بناء الثقة مع المواطنين وإنهاء فواعل اللادولة التي تنشط بصورة كبيرة وتشكل خطراً على العراق وجيرانه وإعطاء إشارات إيجابية إلى الخارج، ومن المعروف أن هذه الفرص قد لا تتكرر في حال إضاعتها من قبل الطبقة السياسية الحالية في حال تركيزها على مصالحها الآنية على حساب المصالح الاستراتيجية للبلد.

ويراقب العراقيون اداء الحكومة العراقية بحذر وحرص شديدين، حيث ينتظرون تنفيذ الوعود والتعهدات التي جاءت في البرنامج الحكومي، وخاصة ان شرائح عراقية كبيرة وواسعة قررت الانتظار وإعطاء الحكومة مهلة كافية لتنفيذ هذه الوعود وخاصة فيما يتعلق بالخدمات ومكافحة الفساد وتقوية الدولة ، وبخلاف ذلك فإن هذه الأطراف والشرائح لديها الاستعداد للخروج الى الشارع والاحتجاج واشعال التظاهرات مجددا للمطالبة بحقوقها وخاصة فيما يتعلق بالخدمات والبنى التحتية والقطاع التعليمي والصحي الذي يعاني من مشاكل كثيرة واهمال من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة ، وبالتالي على الحكومة الجديدة ان تاخذ هذه الأمور على محمل الجد ولا تكرر اخطاء الحكومات العراقية السابقة التي دفعت الثمن حيث قامت بالتعويل على عامل الوقت ومحاولة تخدير الجماهير بالوعود الكاذبة والتعويل على صبر الجمهور العراقي الذي قرر دائما اعطاء مهلة للحكومات للإصلاح وتنفيذ البرنامج الحكومي وأيضا تحسيا الواقع الخدمي والمعيشي بينما كانت الحكومات السابقة لا تستجيب للمطالب الفورية للمواطنين وتقوم بالإعلان عن انجاز مشاريع وهمية لتخدير العراقيين ودفعهم الى الانتظار وعدم اتخاذ اي خطوات للمطالبة بحقوقهم .

الى هنا ننتهي من حلقة هذا الاسبوع من بودكاست في عشرين دقيقة تحدثنا فيه عن ضرورات وخطوات تصحيح مسار الدولة العراقية عن طريق اتخاذ خطوات جريئة وشجاعة في سبيل تحقيق العدالة واجراء المحاسبة بصورة فورية لضمان انهاء الإفلات من العقاب واعادة الأموال المنهوبة واعادة بناء الثقة بين المواطنين والنظام السياسي لتجنب الانهيار الحتمي ، شكرا لكم لحسن الاستماع والى اللقاء في الحلقات القادمة .

 


قائمة الحلقات