المرصد ١٨٣: هل ثبت اختراق إيران لتنظيم القاعدة؟ السحاب رسمياً تعيد النشر من موقع مافا الإيراني والموضوع ”سيف العدل“

نهاد الجريري

بارانويا في أوساط أمراء داعش في العراق والشام بعد استهداف قياداتهم الشهر الماضي. طالبان وأمنيات الأمن والأمان: داعش يغتال حاكم بلخ الطالباني العتيد الملا مزمل؛ والملا أخوندزادة يُرسل "ذراعه اليمنى" إلى بلخ لمنع انتفاضة محتملة

تابعوا البرنامج على تطبيقات البودكاست

دبي (أخبار الآن)

أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٦ إلى ١٢ مارس. في عناوين الأسبوع: 

  • هل ثبت اختراق إيران لتنظيم القاعدة؟ 

السحاب رسمياً تعيد النشر من موقع مافا الإيراني والموضوع ”سيف العدل“ 

  • بارانويا في أوساط أمراء داعش في العراق والشام بعد استهداف قياداتهم الشهر الماضي. 
  • داعش يغتال حاكم بلخ الطالباني العتيد الملا مزمل. لماذا هذا الحدث مفصلي؟ 

نتحدث عن أبعاد هذا الحدث مع الدكتور محمد صفر؛ أستاذ مقارنة الأديان، مدير مركز دراسات الأقليات المسلمة، باحث في قضايا الحركات الإسلامية. صاحب كتاب ” طالبان الأفغانية والمحاكم الصومالية“

 

المدني-عابر سبيل-سيف العدل

مساء الأحد ١٢ مارس، نشرت مؤسسة السحاب، الذراع الإعلامية لقيادة تنظيم القاعدة، مقالاً بعنوان: ”الرمز بين الدين والإنسان،“ كتبه المدعو حازم المدني. فمن هو حازم المدني بحيث تنشر له السحاب؟ لنتذكر أن الصحفي في أخبار الآن، عاصم الصبري، كشف اللثام عن وجود ابن لسيف العدل، القيادي الأشهر اليوم في تنظيم القاعدة، في اليمن. وكشف عن أن قلة قليلة في تنظيم قاعدة اليمن يعرفون الشاب بلقب ”ابن المدني.“ ”المدني“ هو من الأسماء التي عُرف بها سيف العدل بحسب ما نشره برنامج مكافآت من أجل العدالة التابع للخارجية الأمريكية. بالفعل، يبدو أن حازم المدني هو سيف العدل نفسه. سيف العدل الذي يعيش في إيران ويمثل الشوكة الإيرانية في حلق القاعدة وأنصار التنظيم. 

فقد وجدنا أن مقال ”الرمز بين الدين والإنسان“ منشور في موقع مافا السياسي الذي يديره صهره والد زوجته مصطفى حامد أبو الوليد، الذي يعيش أيضاً في إيران والذي يُبشر بتكرار تجربة ثورة الخوميني في الرقعة الإسلامية. مقال مافا منشور في تاريخ ٢١ أكتوبر ٢٠٢٢ تحت اسم ”عابر سبيل.“ ونحن نعلم الآن أن عابر سبيل هو اسم مُستعار اختاره أبو الوليد لصهره سيف العدل عندما كتب أول مرة في ديسمبر ٢٠١٠ سلسلة رسائل نشرها مافا وقدّم لها أبو الوليد ينتقد فيها تنظيم القاعدة. تفاصيل هذه الرسائل موجودة في الجزء الثاني من سلسلة متلازمة طهران على أخبار الآن.

أبو الوليد قدّم لكاتب تلك الرسائل بأنه ”عضو قديم في تنظيم القاعدة … ليس من مؤسسي التنظيم ولكنه يعتبر أهم من تولى مسؤوليات تنفيذية في مجالات التدريب وإدارة المعسكرات والأمن والعمل العسكري بشكل عام … قام بدور بارز في الصومال .. أيضاً في معركة قندهار الأخيرة عام ٢٠٠١ … (أصبح) أقدم وأهم شخصيات الصف الميداني الأول (بعد قتل أبي عبيدة البنشيري وأبي حفص المصري.“ هذه كلها أعمال وصفات تُحسب لسيف العدل. 

بمقارنة النسختين: نسخة السحاب ونسخة مافا، نجد مفارقات لافتة. أولاً، خلت نسخة السحاب من الهوامش التي تشير إلى أعمال سابقة لعابر سبيل. 

ثانياً، أضيفت إلى نسخة السحاب فقرات أخيرة تبدو غريبة عن النص، تقول بإختصار إن الكوارث ”عقوبة ربانية“ أوقعها ”استمرار الحال على ما هو عليه … أو بقاء العالم أسيراً بين يدي قادة الطغيان والجشع والأنانية.“

ثالثاً، بالرغم من هذا، تبدو نسخة السحاب محبوكة أكثر من حيث اللغة. فثمة كلمات مفتاحية مفقودة في جمل أو اثنتين في نسخة مافا، أو كُتبت خطأ. فمثلاً: ”والأهم نقاط الالتقاء مع المحيطات“ الواردة في نسخة السحاب كُتبت ”والأهم نقاء الالتقاء مع المحيطات.“ 

رابعاً، ربما الأهم هو إقحام القاعدة في نسخة السحاب. فقد خلت نسخة مافا الإيرانية من أي حديث عن تنظيم القاعدة. أما في نسخة السحاب، وفيما يتحدث الكاتب عن ”التغيير“ وكيف يجب أن يكون ”شمولياً“ وكيف أن ”الشعب (كان) عبقرياً عندما أطلق شعار[الشعب يريد إسقاط النظام]“ وكيف أن ”بعض الأنظمة تقف خلفها قوى إقليمية وعالمية .. ولا بد من وضعهم ضمن قائمة الأعداء في استراتيجية التغيير.“ هذا آخر ما جاء في الفقرة المعنية في نسخة مافا. أما في نسخة السحاب، فقد استطرد الكاتب ليقول: ”ومن هنا نرى عبقرية القاعدة التي غدت طليعة الأمة في العمل على إسقاط النظام العالمي.“ 

بغض النظر عمّا إذا كانت نسخة مافا أو السحاب هي الأصل، السؤال المهم هو: لماذا تنشر السحاب المتخصصة في إعلام قيادة القاعدة مقالاً لـ سيف العدل وتعطيه اسماً مستعاراً بات مرتبطاً بالرجل بعد كشف أخبار الآن عن وجود ابنه في اليمن تحت اسم قريب؟ 

لماذا تنشر السحاب من موقع مافا وخلاف الرجل مع تنظيم القاعدة ومع أسامة بن لادن معروف. في العام ٢٠٠٩، كتب أبو الوليد رسالة إلى مجلس شورى القاعدة ينصح فيها أسامة بن لادن بحل تنظيم القاعدة ويقول فيها إن ”الأخ أسامة بن لادن … مُدان بمخالفة صريح أوامر الملا عمر، وأقدم على فعل أدى إلى إشعال حرب ضروس.“ 

ماذا يريد مسؤولو السحاب أن يقولوا؟ هل يريدون تبييض صفحة سيف العدل من الأثر الإيراني في مقدمة إعلان الرجل خلفاً للظواهري؟ في الأثناء، ما انفك أنصار القاعدة، ومن تبقى من قياديين، ينفون الأثر الإيراني بل ويستهزئون بمن يتحدث في هذه المسألة خاصة فيما يتعلق بسلوك التنظيم في اليمن. 

فلماذا يتوافق إعلام القاعدة الرسمي مع إعلام إيراني خالص معادٍ للقاعدة؟

 ولنتذكر أنه في مطلع العام، كتب أحد أشد المناصرين للقاعدة منشوراً يصف فيه بـ ”الأحلام الوردية“ تقاريرنا عن أن ”القاعدة أصبحت تابعة لإيران؛“ ويقول: ”من يعيش منكم ويطول عمره، سيشاهد في عام ٢٠٥٠ في نفس (الـ) قنوات … أن تنظيم القاعدة في طريقه للزوال وهو يشهد انشقاقات وصراعات داخلية والتنظيم بايع ايران ويوجد على موقع مافا كذا وكذا.“ يبدو أن العام ٢٠٥٠ بات أقرب مما يظن هؤلاء.

 

داعش وبارانويا الأمان 

بعد قتل أبي سارة العراقي، أمير الإدارة العامة للولايات في تنظيم داعش والذي يُعتبر ”الحاكم الفعلي“ في التنظيم، نقل الحساب المتخصص ”قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي أن ”معلومات من داخل التنظيم تؤكد أن الوضع في ولايتي العراق والشام مضطرب للغاية (من حيث) …  الاتهام بالعمالة والخيانة والجاسوسية والاستهتار بالأمنيات.“ وأضاف الحساب إن أمراء التنظيم وخصوصاً في العراق ” جددوا تعليماتهم لمنع استعمال الجنود للهواتف بشكل كلي.“ كما مُنع الاتصال بالأسرى خاصة القابعين في سجون قسد في شمال سوريا. 

 

إعلام داعش: فانية وتتدهور

وكما على الأرض، إعلام داعش يعيش أزمة. بحسب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي فإن ”الإعلام الرديف يتحدى الرسمي.“ يستشهد الحساب بأن ما يُسمى ”وكالة ناشر باكستان“ غير الرسمية نشرت نعياً لأمير داعش في الهند أجاز أمين الكشميري أبي أسامة. إلا أن ديوان الإعلام المركزي لم ينشر أي خبر في هذا الاتجاه. وفي أخبار الآن مقالات عن كيف يضلل إعلام داعش أنصاره في سلسلة فانية وتتدهور كتبها أحمد سلطان. 

 

فشل الجماعات الجهادية في جمع ”الأمة“ 

لفت هذا الأسبوع منشور كتبه أبو محمود الفلسطيني، أحد تلامذة منظر الجهادية أبي قتادة الفلسطيني. هو مؤيد لهيئة تحرير الشام في إدلب، ومؤيد لطالبان. يقف على خصومة عنيدة مع أبي محمد المقدسي وطارق عبدالحليم. 

المنشور فيه شيئ مما ورد سابقاً في مقال السحاب ”الرمز بين الدين والإنسان.“ يتحدث عن فشل الجماعات الجهادية في ”تبني قضايا الأمة“ وفي استقطاب دعم الشعوب حتى تصير هذه الجماعات أو أحد أفرادها ”رمزاً.“ فكما جاء في المقال: ”الشعوب لا تُستدعى للثورة كما تستدعى الجيوش للحرب؛ إنها تنهض في لحظة الانفجار.“ 

أبو محمود كتب أن ”كل الجماعات تزعم أنها تسعى لتوحيد الأمة … لكن السلوك العملي لها وأحيانا كثيرة التنظيري يكون بعكس هذا الزعم، إذ العزلة هي الأصل، وتوحيد الأمة يعني دخولها في الجماعة، ولا يُسمح للأمة الجهاد إلا من خلال باب الجماعة.“ 

ويتابع: ”أكبر خطأ وقعت به الجماعات هي أنها … فرضت الوصاية على الأمة وحجرت عليها.“ وهكذا ”فشلت الجماعات أن تتماهى مع طموح الأمة وقضاياها … وأن تجعل الأمة تتبنى قضاياها.“ 

 

طالبان وأمنيات الأمن والأمان

أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن التفجير الانتحاري الذي قتل حاكم إقليم بلخ شمال أفغانستان محمد داوود مزمل. كاميرات المراقبة أظهرت الانتحاري يدخل مبنى الحاكم مختالاً بلا تفتيش وبدا عارفاً بالمكان، يعلم بالضبط إلى أين يذهب، كما لاحظ الباحث الأفغاني عبد السيد. 

الصحفي الأفغاني بلال صرواوي لفت إلى أن زعيم طالبان هبة الله أخندزادة أرسل ”ذراعه اليمنى وحافظ سرّه“ حاكم قندهار يوسف وفا ليتولى إدارة شؤون بلخ مؤقتاً إلى حين إيجاد بديل لمزمل. يعلّق صرواري: ”انتفاضة بلخ في التسعينيات لا تزال تؤرق طالبان.“ 

هذا الهجوم هو ”ضربة نوعية“ بالفعل لطالبان. منذ وصولهم إلى السلطة في أغسطس ٢٠٢١، وداعش يكيل لهم الضربة تلو الأخرى. أما طالبان، فما انفكوا يقللون من خطر التنظيم، بل ويضعون أمن أفغانستان وشعبه على المحك. 

ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان قال إنهم فتحوا تحقيقاً في قتل مزمل. 

قبل أربعة أشهر، غرّد مجاهد بالعربية أنه ”تم القضاء على تلك المجموعة الداعشية.“ مكرراً ما قاله في يوليو ٢٠٢٢ أن ”داعش انهزم في أفغانستان وسيختفي.“ 


قائمة الحلقات