دبي، الامارات العربية المتحدة، 31 ديسمبر 2013، (فدوى القلال، اخبار الآن) –

في نهاية عام 2010 هتفت تونس الشعب يريد إسقاط النظام فألهمتنا، و في عام 2011 أخذنا نردد أبيات أبي القاسم الشابي و صدقنا ان اذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر، وها نحن نودع عام 2013 على أنغام أغنية المطرب التونسي لطفي بوشناق الأخيرة و تتمزق قلوبنا على حال أوطاننا.

دخلت ذات يوم الى الغرفة التي تجلس بها جدتي، لأجدها تستمع و تردد مقطع يقول “خذوا المناصب و المكاسب لكن خلولي الوطن”، رأيتها متأثرة و حزينة و غاضبة. تلك الإمرأة التي أجبرتها الظروف على الهجرة و تركت بلدها في منتصف السبعينات لتحمي اسرتها من بطش القذافي، وجدتها الان تردد كلمات تلك الاغنية و ناقمة على المسؤولين الجدد الذين خيبوا آمالها و آمال الشعب الليبي بأكمله.
 
كانت هذه اول مرة انتبه لتلك الأغنية؛ و فورا بحثت عنها على الانترنت لأتفاجأ ان هناك عشرات المواقع و الصفحات و المنتديات التي تستشهد بأبيات هذه القصيدة التي كتبها الشاعر التونسي مازن الشريف والتي تقول:
 
“انا مواطن
وحاير انتظر منكم جواب
منزلى فى كل شارع .. كل ركن .. كل باب
واكتفى بصبرى وصمتى
وثروتى حفنة تراب
ما أخاف الفقر لكن
كل خوفى من الضباب
ومن غياب الوعى عنكم
كم اخاف من الغياب
سادتى وانتم حكمتم
حكمكم حكم الصواب
وثورتى كانت غنيمة
وافره لحضرة جناب
ما يهم لا ابالى الدنيا
دايسة فى مداسى
لكن خلولى بلادى
لكن خلولى بلادى
وكل ماقلتم على راسى
يا هناه من كان مثلى
مايهمه من ومن
أنتم اصحاب الفخامة والزعامة
وادرى لن
لن اكون فى يوم منكم
يشهد الله والزمن
أنا حلمي كلمة واحده أن يظل عندي وطن.
لا حروب ولا خراب لا مصايب . .لا محن.
خذوا المناصب والمكاسب.
لكن خلّولي الوطن.
يا وطن وأنتا حبيبي..
وأنتا عزّي وتاج رأسي..
أنت يا فخر المواطن والمناضل والسياسي..
أنت أجمل وأنت أغلى وأنت أعظم من الكراسي.
يشهد الله والزمن.. أنا حلمي كلمة واحدة..
أن يظل عندي وطن”

اعتقد ان سبب انتشار تلك القصيدة يرجع لأنها تكاد تلخص حال الشعوب في جميع أنحاء الوطن العربي. فكل من يردد أبياتها يشعر و كأنها كُتبت خصيصا له. ثمه منتدى سوري يرثي حال بلده بعرض صور لأطفال سوريا على أنغام الأغنية، و آخر لأمازيغ ليبيا يؤازر اعضائه بعضهم البعض باقتباس كلماتها، و هناك صفحة مصرية على موقع فيسبوك اختارت لنفسها عنوان القصيدة ليكون اسماً لها، و اخرى تونسية تناقش ما اراد الشاعر قوله من بين سطورها. استوقفتني ايضا نقاشات الشباب و تعليقاتهم الموجودة اسفل الاغنية على موقع يوتيوب، و تأثرهم الواضح بدموع المطرب هو و فرقته الموسيقية و كأن الكل يتألم على حال بلده الذي لم يتحسن بالرغم من الاثمان الباهظة التي دفعوها من دماء خيرة شباب أوطانهم … فلا زالت الكراسي بالنسبة للمسؤولين اغلى من أرواح البشر.

وبما ان الفن يعتبر سلاح لا يستهان به في مخاطبة مشاعر الناس و التعبير عن آلامهم و الاسهام في تشكيل وعيهم؛ فهذه الاغنية تستحق بلا منازع لقب افضل اغنية لعام 2013