​​أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٣١ أكتوبر إلى ٦ نوفمبر ٢٠٢٢. في هذا الأسبوع: 

  • سكان محليّون: داعش والقاعدة وفاغنر يتناوبون على قتلنا في مالي
  • الرجل الثاني في قاعدة الصومال، كاراته، يتنطع لتبرير مجزرة وزارة التعليم وسط انقسام بين الأنصار
  • خطوات باتجاه سلطة “موحدة” إدارياً واقتصادياً وعسكرياً في شمال سوريا بعيداً عن الجولاني

وضيف الأسبوع، محمد أغ إسماعيل، الباحث في العلوم السياسية. ينتمي إلى الطوارق في مالي. يحدثنا عن معاناة أهله وهو من أبناء المنطقة المهجرين بفعل الاقتتال بين داعش والقاعدة وفاغنر؛ وعن الولاءات الملتوية؛ وعن طموح إياد أغ غالي زعيم تحالف نصرة بتأسيس “إمارة” في مالي.  

المرصد 165 | سكان محليّون: داعش والقاعدة وفاغنر يتناوبون على قتلنا في مالي

محمد أغ إسماعيل، باحث في العلوم السياسية ينتمي للطوارق في مالي

ثلاثي الشر: القاعدة، داعش، فاغنر

في الأسبوع الأول من نوفمبر، وردت أنباء من مالي عن أن تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين التابع للقاعدة تراجع من منطقة ميناكا في شمال البلاد بعد اقتتال دامَ أياماً مع داعش الساحل. 

مؤسسة الزلاقة الجناح الإعلامية لتحالف نصرة قالت إن الاشتباكات “متواصلة،” واعترفت بقتل ٣٠ من مسلحيها فيما دعت “جميع المسلمين إلى التصدي لهؤلاء الغلاة المارقين ومن أعانهم على فسادهم وإجرامهم.” في المقابل، نشرت معرفات داعش الرسمية على التلغرام صوراً من الهجمات وقالت إنها قتلت أكثر من ٤٠ مسلحاً من نصرة. 

متابعون على التلغرام التفتوا إلى صورة مما نُشر وقالوا إنها لنجل إياد أغ غالي، زعيم تحالف نصرة. آخرون شككوا في الأمر وقالوا إن نجل إياد لم يكن موجوداً أصلاً في المعارك. 

قتل نجل إياد أغ غالي قد يكون مهماً من حيث أنه التصفيات وصلت إلى الدائرة الأقرب إلى إياد. فهل ينعكس هذا على أداء نصرة أو سلوك إياد نفسه؟ ربما. 

الأهم من نجل إياد هو أن الماليين الأبرياء وهم قرويون فقراء لا حول لهم ولا قوة هم من يُقتلون ويُهجّرون بفعل هذه المعارك التي يتنافس فيها داعش ونصرة ومرتزقة فاغنر الروس وحتى الحكومة المالية، مع غياب بوصلة الولاءات التي تقوم على مصالح مؤقتة. ثمة أنباء تقول إن داعش استقطب مقاتلين أجانب من خارج مالي؛ فيما تفيد أخرى بأن نصرة تحالفوا مع قوات موالية للحكومة؛ وهكذا. 

متابع على تويتر باسم Eric Newton قال: “الحكومة المالية تذبح الفلانيين (السكان المحليين) لاتهامهم بموالاة نصرة. وفاغنر يذبحون فلانيين لاتهامهم بموالاة أعداء فاغنر والحكومة. ونصرة يذبحون فلانيين لاتهامهم بموالاة داعش؛ وهكذا تستمر مذابح الفلانيين.” 

ونلتقي بعد قليل مع الباحث محمد أغ إسماعيل، وهو من الطوارق الماليين. يحدثنا عن معاناة أهله وهو من أبناء المنطقة المهجرين بفعل الاقتتال؛ وعن الولاءات الملتوية؛ وعن طموح إياد أغ غالي بتأسيس “إمارة” في مالي.  

 

قاعدة الصومال ووطأة مذبحة الوزارة

لا شك في أن جماعة القاعدة في الصومال، شباب، باتوا يشعرون بوطأة قتل المدنيين في التفجير المزدوج في ناحية حيوية من العاصمة مقديشو قرب وزارة التعليم وفي ساعة الذروة من بعد الظهر ما أسفر عن قتل أكثر من ١٠٠ شخص. يوم التفجير، ٢٩ أكتوبر، أصدروا بياناً تبنوا فيه الهجوم وحاولوا تبريره. لكن ذلك لم يكن كافياً. 

في ١ نوفمبر، تنطع الرجل الثاني في التنظيم أبو عبدالرحمن مهاد ورسمي كاراته للدفاع عن الهجوم. الرجل خصص الجزء الأكبر من البيان الختامي لما يُسمى المؤتمر الخامس لعلماء “الولايات الإسلامية”  لتقديم “تفاصيل” في مسعى للتقليل من الضرر الواقع على المدنيين وتأكيد صحة القرار. 

من الترجمة المنشورة على موقع شهادة الذي ينشر أخبار شباب، يلفت ما يلي مما قاله من وُصف بأنه “الشيخ القائد.” برر الرجل استهداف الوزارة باعتبارها تابعة لحكومة “مرتدة” كما قال، وبالتالي فإن الاستهداف مشروع. اعترف ضمناً بوقوع ضحايا من “بعض المسلمين.” ولكنه ألقى باللائمة في ذلك على حرس الوزارة. وهنا ذكر روايتين في محاولة بائسة للتجرد من المسؤولية. في الأولى، قال إنه بعد التفجير الأول، انطلقت السيارة الثانية للتفجير في الوزارة فأطلق الحرس النار في اتجاهها؛ واعتبر أن هذا تسبب في تفجيرها في غير مكانها وأوانها ما أوقع “خسائر” بين “بعض المسلمين.” في رواية ثانية، يقول إن الحرس والقوات الأمنية الموجودين في المكان أطلقوا الرصاص “لمدة ساعة تقريباً” بشكل عشوائي من دون وجود هدف مضاد. بمعنى أنه ينفي وجود مسلحين من جماعته في المنطقة اشتبكوا مع قوات الأمن هناك. 

كاراته قلل أيضاً من عدد الضحايا. قال إن القتلى هم بالضبط ٦٩ عنصراً “من موظفي الوزارة والضباط والقوات المتنوعة لحكومة … من حراس المقر ومن يساندهم.” وقال إن عند الجماعة قائمة بحصيلة القتلى ورتبهم معتبراً أن الجهات الصومالية الحكومية ضخّمت الرقم للحصول على “استعطاف”!

قد يذكر هذا بهجوم قاعدة اليمن على مستشفى العرضي في صنعاء في ٢٠١٣. وقتها اعتذر التنظيم وعرض دية للضحايا. لكن قاعدة الصومال لم يعتذروا وتهربوا من المسؤولية. أنصار القاعدة انقسموا فيما بينهم حول هذا الهجوم. 

حساب قاعدي قدّم لبيان كاراته بقوله إن: ” قيادة حركة الشباب … تعرب عن تعازيها عن خسائر المدنيين.” وهذا خطأ. القيادة لم تقدم التعازي. 

حساب باسم المرابط المقدسي على التلغرام وهو حساب قاعدي بامتياز كتب: “للأسف حركة الشباب … تبنت الهجوم الدامي … وهذا الفعل مخالف لتوجيهات القيادة العامة للقاعدة … اللهم  إنّا نبرأ إليك مما فعل هؤلاء.” 

وفي مكان آخر نقل رداً على تحذير جماعة شباب الصوماليين من الاقتراب من مقار ومكاتب الحكومة باعتبارها أهدافاً “مشروعة”، وسأل: “كيف يبتعد عوام المسلمين … فمصالحهم وأحوالهم الإجرائية … في هذا المقر؟” وزاد: “لو أن العملية كانت استهداف وهجوم مسلح لأمكن أن نقول أن هناك تمييز؛ لكن كونه هجوم تفجيري معناه أنه لن يمكن التمييز في مكان عامة زائريه وأصحاب المصالح فيه بل وعامة موظفيه من المسلمين!” وختم: “البيان ركيك .. وعذر أقبح من ذنب.” 

من الأنصار حساب على التلغرام باسم “المهاجر” رد على المرابط بنفس منطق بيان شباب نافياً أن يكون الذين قُتلوا “مسلمين.” وفي المحصلة قال: “إذا قلنا أنهم أخطؤوا  هل تنشر وتشنع عليهم الأعداء؟” 

أنصار القاعدة الكبار المعهودون سكتوا. لم نجد في حساب طارق عبدالحليم في تويتر مثلا ما يشير إلى الهجوم لا من قريب ولا من بعيد. في أغسطس الماضي، عندما هاجم شباب فدق حياة، كتب الرجل مؤيداً. ومما قاله وقتها: “مما لا شك فيه على الإطلاق هو أن الشباب ليسوا خوارجاً في العقيدة كتنظيم الدولة الحروري ، بمعنى أنهم لا يعتقدون أن المسلمين من خارج تنظيمهم مرتدون يمكن قتلهم.” 

وتعليقاً على هجماتهم، ظل مؤيداً لهم حتى وإن أخطأؤوا. قال: “أما عن عملياتهم … قد، أقول ‘قد’ لتنافر التقارير، يكون هناك عمليات فيها تجاوز أو خطأ واضح، وهو غير مقبول، إن كان، عند أي أحد، لكن هذا لا يجعلنا نصنفهم خارج دائرة التأييد على المجمل.”

 

ما بعد عفرين: قيادة موحدة؟!

في أحداث ما بعد عفرين، وطموح أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام في التمدد شمال سوريا، وردت أنباء عن انعقاد اجتماع في تركيا يوم الأربعاء ٢ نوفمبر بين قادة الجيش الوطني ومسؤولين أتراك. تمخض عن قرارات لا تعيد وحسب الوضع إلى ما كان عليه قبل مغامرة الجولاني الأخيرة وإنما تتجاوزها إلى اتخاذ إجراءات يؤمل منها أن تمنع الولاءات المتفتتة بحيث تُشكل هيئات موحدة للإدارة، والاقتصاد والجيش والقضاء. 

بحسب ما نقله الباحث عباس شريفة في قناته على التلغرام، سيتم  “تشكيل هيئة استشارية” من الجيش الوطني والحكومة المؤقتة للتنسيق مع الجانب التركي في إدارة المنطقة؛ وتسليم المعابر إلى فريق عمل اقتصادي “متفق عليه وتوحيدها مالياً في صندوق واحد؛” و”حل جميع الأجهزة الأمنية ضمن الفصائل وإنشاء جهاز أمني واحد لكل المنطقة وإغلاق جميع السجون التابعة للفصائل؛” وحل الفصائل الصغيرة ودمجها ضمن مكونات فيالق الجيش الوطني الثلاثة.” 

الاجتماع حدد الجيش التركي بمثابة الضامن الذي يفصل منطقة غصن الزيتون عن مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام. كما حدد دور المجلس الإسلامي السوري بأن يكون “مرجعية للجميع ولا يتدخل فيما بين الفصائل.” 

معارضو الجولاني اعتبروا أن مخرجات الاجتماع أفشلت مخطط الهيئة. فيما ظل الجولاني يتحدث عن “توحيد” السلطة في الشمال. في اجتماع مجلس الشورى العام للهيئة عاد وقدّم نفسه على أنه القادر على ضمن الوحدة وبالتالي تحقيق “البناء” المرجو في المنطقة. قال: “من يشاهد تجربة إدلب أصبح يعي بشكل يقيني -وليس وعوداً فارغة- أن التوحد تحت سلطة واحدة هو حبل النجاة، والتوحد في إدلب أعطاها كثيراً من المكتسبات بكل مناحي الحياة.” 

 

أحرار الشام: تصفية حسابات

على الهامش، أقرت حركة أحرار الشام الموالية للهيئة إلغاء ارتباطها بشخصيات ساهموا فيها تنظيمياً لسنوات على رأسهم جابر علي باشا، رئيس الحركة سابقاً، وذلك على خلفية انتقاد هؤلاء الشخوص التحالف مع الهيئة. 

جابر علي باشا مثلاً كان انتقد حسن صوفان القيادي في الحركة والمقرب من الجولاني؛ والذي يُعتبر مهندس “الانقلاب” في الحركة والاقتتال الداخلي في أكتوبر ٢٠٢٠. 

يقول: “إن ما يسمى بالقيادة الحالية تزعم زورا وبهتانا أن القيادات السابقة هي من أدخل الحركة في صراعات أدت إلى خسارة نفوذها وتراجع دورها … القاصي والداني يعلم أن الجولاني هو من بغى على الحركة أكثر من مرة، وان الحركة في قتالها له كانت أما معتدى عليها أو واقفة في صف المبغي عليه نصرة له