مسلسل طالبان في انتهاك حقوق الإنسان.. تابع

تستمر قرارات حكومة طالبان بانتهاك حقوق المرأة الأفغانية، لتُبيِّن أن تلك الجماعة المتشددة لم تبدّل أفكارها وممارساتها عكس ما تعهدت به عند إعادة استيلائها على الحكم في أفغانستان في أغسطس العام 2021. فبعد فرضها ارتداء البرقع على النساء والفتيات الأفغانيات، وحظرها تعليم الفتيات في المرحلة الثانوية، والزامها المذيعات على تغطية وجوههنّ، أصدرت وزارة التربية في حكومة طالبان قراراً جديداً انقسم على ضوئه الشارع الأفغاني بين مَنْ تفاجئ ومَنْ توقَّع صدوره كونه يندرج ضمن المنحى الاعتباطي الذي تتخذه الجماعة بخصوص الفتيات والنساء وحقوقهنَّ.

القرار الذي أُعلن عنه مساء الثلاثاء في 20 ديسمبر 2022، يقضي بمنع تعليم الفتيات في المرحلة الجامعية. وقد اتُخذ ذلك القرار ضمن العطلة الفصلية للجامعات الرسمية في أفغانستان، فيما أتت تأثيراته مباشرة على طالبات الجامعات الخاصة اللواتي حُرمن من استكمال امتحاناتهنَّ الجامعية في اليوم التالي من صدور القرار، إذ لم تستطع الطالبات الدخول إلى الجامعات حتّى لطلب وثائق تثبت ما أنجزنه من اختصاصاتهنّ بسبب تجمّع عناصر طالبان على مداخل الجامعات لرفض دخول الفتيات، وذلك بحسب ما نقلت لـ”أخبار الآن” إحدى طالبات الهندسة المدنية في جامعة كابول التي شرحت المذلَّة التي تعرّضت لها وزميلاتها عند مدخل الجامعة لدى مجيئهنَّ لطلب وثيقة تثبت أنَّهن أنهين 3 سنوات من دراستهنَّ.

تضامن واستقالة

طلاب الجامعات وعدد من الأساتذة والإداريين أظهروا التضامن مع الفتيات اللواتي مُنعن من دخول الجامعات، إذ شهدت عدد من الجامعات الخاصة التي كانت تجري امتحانات، امتناع الطلاب عن دخول قاعات الجامعات. كذلك أعلن عدد من الاساتذة الاستقالة من المهام الموكلة إليهم، كتحرك اعتراضي واحتجاجي على ذلك.

بين هؤلاء، الأستاذ الجامعي عبيدالله ورداك (Obaidullah Wardak) الذي أعلن تنحيه عن منصبه كعضو في هيئة التدريس في جامعة كابول الرسمية  اعتراضاً على ما وصفه بـ “الحظر الجائر وغير الأخلاقي على تعليم الفتيات من قبل النظام الحالي في أفغانستان”، مضيفاً أنَّه يعترض على تلك الحملة القمعية “الوحشية” كما وصفها، حتى لو اضطر للوقوف بمفرده.

وقد ختم ورداك تغريدته التي أعلن فيها استقالته بالقول، “لقد خدمت كلية الرياضيات وطلابها لأكثر من 10 سنوات، ولكن على الرغم من الخبرة الغنية والعمل على الدكتوراه، لا أرغب في مواصلة العمل حيث يوجد تمييز منظم ضد الفتيات الأبرياء والموهوبات من قبل من هم في السلطة”. 

فتيات طالبان تتعلمن خارج أفغانستان والمواطنات ممنوعات

في ذلك السياق، أجرت أخبار الآن مقابلة مع الناشطة الأفغانية ورائدة الأعمال سارة وحيدي (Sara Wahedi) التي قالت: “لا يوجد أي عذر يفسّر لماذا يستطيع قياديي طالبان تعليم بناتهنّ ولا تستطيع النساء والفتيات الأفغانيات العاديات فعل ذلك، لا منطق في ذلك وطالبان لا تهتم بأفغانستان بل تراها وكالة سياسية ولعبة استراتيجية، والاعتقاد بأنَّ طالبان تهتم بشؤون المواطنين لأمر مضحك، فتلك الجماعة ليست قيادية ويمكنك أن ترى كيف يعيشون في حياتهم الخاصة، حيث على عكس الأفغانيين العاديين يسافرون ويتمتعون بمقاعد في درجة الأعمال، لكن لا يمكن للمرأة العادية السفر بدون محرم ولا تستطيع الدراسة الآن ولا يمكنها العمل لأنه في النهاية لا يمكن أن تكون لديهن التحصيل العلمي المطلوب للقيام بذلك”.

وحيدي أضافت: “هناك الكثير من النفاق وفرق بين فتيات طالبان الموجودات في الخارج والافغانيات العاديات، وآمل حقًا أنه إذا أراد المجتمع الدولي فعل أي شيء، فعليه تطبيق تلك السياسات التقييدية المماثلة على قيادة طالبان كما يفعل مع الشعب الأفغاني، فلا ينبغي أن يكونوا قادرين على السفر، ولا ينبغي أن يكونوا قادرين على الاستمتاع بالغرب لأنهم يقولون إن المُثُل الغربية كالسفر والتعليم وتلك الأشياء التي يتحدثون عنها معادية للإسلام ، فلماذا يمكنهم فعلها والأفغان لا يمكنهم فعلها لا أعتقد أن هناك سببًا منطقياً يُفسّر ذلك”.

طالبان تخطط: نظامان للتعليم

في السياق ذاته، كشفت وحيدي في حديثها لأخبار الآن ما تخطط له حكومة طالبان لجهة مستقبل قطاع التعليم للفتيات لوجوب قيامهنَّ بالأعمال النسائية المطلوبة في أي مجتمع إذ قالت: “تريد طالبان إنشاء مدارس للنساء وستقوم فقط بتدريس حصص مرتبطة بالإنجاب وصحة المرأة فقط لا غير، تلك المدارس ستواكب ما تحتاجه المرأة للبقاء على قيد الحياة أي الولادة أو أي شيء من ذلك القبيل، في حين تُمنع عن دراسة أي اختصاص آخر”.  

ناشطات أفغانيات لأخبار الآن: طالبان جاحدة على النساء وقراراتها تشوّه الإسلام

تُضيف وحيدي متهكمةً وغاضبةً: “القانون يستطيع زوجك توليه، الشؤون المالية يستطيع زوجك توليها، التعليم والدك واخوك وزوجك يمكن أن يتولوا شؤونها”.

وختمت وحيدي حديثها بالقول: “إنهم يريدون إنشاء مؤسستين منفصلتين للأفغان، إحداهما للمرأة كي تبقى على قيد الحياة من أجل صحتها واحتياجاتها الأساسية، والمؤسسة الثانية توفر التعليم الذي نعرفه كلنا، ذلك الموجود في دبي والولايات المتحدة وفي كل مكان، وفيها كل القطاعات إنما تنحصر بالرجال، لذلك غرَّد المتحدث باسم طالبان قائلاً لنا – من فضلكم لا تقلقوا نحن بصدد صياغة منهج جديد للنساء – وذلك يعني أنهم كما قلت سيوفّرون الاحتياجات الخاصة للمرأة ولكن ذلك كل شيء، بينما للرجال، كل شيء آخر سيبقى كما هو، الهندسة، القانون، الابتكار، وتُحصر صفوف المرأة بالرعاية الصحية وأي اختصاص يتوجب فيه على الرجل أن يلمس المرأة أو أن يكون قريبا منها”. 

طالبان تشوّه الإسلام

من جهتها، قالت الناشطة الأفغانية كريستال بيات (Crystal Bayat) في حديث لـ”أخبار الآن”، إنّ “الأمر لا یتعلق فقط بالأمن، إذ لیس هناك من أمن اقتصادي وضمان لحقوق الشعب الأفغاني وحريته”، مضيفةً إنّ “الأفغان كانوا يعملون على مدى 20 عاماً من أجل بناء بلدهم ومستقبلهم وكذلك مستقبل أبنائهم في بلادهم حيث يفترض أن یتمتع كلّ مواطن بحقوق متساویة، ويفترض أن يتمّ الحفاظ على حریته وحقّه في اختیار ما یرید، لكن كلّ شيء انهار بطريقة مريبة”.

ناشطات أفغانيات لأخبار الآن: طالبان جاحدة على النساء وقراراتها تشوّه الإسلام

دعوة للمجتمع الدولي كي يلتفت إلى أفغانستان

وأضافت بيات: “أيّ دولة هي لا يُسمح فيها للفتیات بالذھاب إلى المدرسة والعمل؟ ھل الإسلام یدعو إلى شيء يجعل الناس تعاني؟ في أيّ حدیث رأینا ذلك أو قرأنا أنّه لا یسمح للفتیات بالذھاب إلى المدرسة؟ إنّ الدین هو الذي یمنح حقوقاً متساویة للنساء والرجال، في العمل والدراسة ومجالات الحياة المختلفة”.

وآملت أن یعترف المجتمع الدولي بأزمة الشعب الأفغاني بشكل جدّي، فيما “هو يرى العنصریة التي تحصل بین الجنسین، ويشاهد الإبادة الجماعیة بحقّ الأقلیات في أفغانستان، وبالتالي عليه اتخاذ اجراءات سريعة لمعالجة الوضع المزري وحماية الشعب الأفغاني”.

شاهدوا أيضا: عام على استيلاء طالبان على السلطة في أفغانستان.. تلاشي الحلم