انقسام بين الجهاديين حول هدنة حرب غزة

أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٢٠ إلى ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٣، وفيما يواصل قادة حماس والقسام شكر طهران، يتجدد الجدل حول تبعية الجماعة لإيران في تبعات قضية القحطاني، وحملة اعتقالات جديدة في إدلب.

وضيف الأسبوع، الدكتور محمد صفر، أستاذ مقارنة الأديان ومدير مركز دراسات الأقليات المسلمة في كل من جنوب إفريقيا وتركيا؛ ومدير مركز دراسات السلام واللاعنف في أتلانتا بأمريكا. له مؤلفات منها كتاب طالبان الأفغانية والمحاكم الصومالية: تجربتا حكم إسلاميتين؛ صدر في ٢٠٢٠ عن دار طوروس للنشر.

روح الروح

أهلاً بكم إلى أخبار الآن. كم روحاً أنقذتها هدنة الأيام في حرب غزة! فيما حاول بعض أهل الشمال العودة إلى ما بقي من ركام أو تحت الركام، احتفى بعض أهل الضفة الغربية بخروج سجينات وسجناء بعضهم قُصّر ضمن صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل.

الجهاديون منقسمون: هل استحق تحرير الأسرى تضحياتِ أهل غزة الجِسام؟

في عالم الجهادية، مع بوادر انتهاء الحرب، ردود فعل متفاوتة على الصفقة؛ وتأكيد الموقف المناهض لحماس وتبعيتها لإيران. إلى التفاصيل.

”بأيّ ذنب قُتلت“

في ردود الجهاديين على صفقة تبادل السجناء بين حماس وإسرائيل، ثمة موقفان واضحان لا ثالث لهما: مؤيد ومعارض.

أما في التأييد، يذكر حساب”ناشر“ وهو من إعلام القاعدة الرديف أسماء أسيرات أُفرج عنهن في الصفقة تحت عنوان ”اللهم لك الحمد والمنّة.“

حساب اليقين وهو أيضاً إعلام قاعدي رديف، نقل ما كتبه الأردني إياد القنيبي محتفياً بالصفقة.

حساب أبو محمود الفلسطيني الموالي لهيئة تحرير الشام في إدلب كتب ”كل الفرح لخروج الأسيرات.“

ومثله حساب نائل بن غازي، الذي نعتقد أنه في غزة، والموالي للهيئة أيضاً كتب: ”لمثل هذه اللحظات بذلت كل هذه التضحيات.“

ومثلهم ما نقرأه في حساب أبي يحيى الشامي المعارض للهيئة؛ فالهدنة دليل ”إحباط وهزيمة وذل“ للإسرائيليين ”وفخر“ للفلسطينيين.

على الطرف المعارض، نقرأ ما جاء في حساب أسامة المكتوب بالعبرية، وهو موالي للهيئة؛ إذ عاد إلى نقطة البداية في ٧ أكتوبر عندما وصف ”طوفان الأقصى“ بالمسرحية على أساس تبعية حماس لإيران؛ كتب: ”قالوا (أي حماس) نريد أن نستدرج اليهود لحرب شوارع في غزة، وعندما دخل اليهود في حرب شوارع في غزة، أعلنوا عن هدنة وقبلوها. ثم يقولون ليش تقول عنها مسرحية!“

حساب جمهورية أم حازم الداعشي الساخر سأل: ”أين المصلحة من أنك تعطي الأسرى وأنت تعلم (أن إسرائيل) سوف تقتلك وتقتل الناس في غزة؟ إنه التخبط والخوف بعد أن وقعوا بالفخ.“

الجهاديون منقسمون: هل استحق تحرير الأسرى تضحياتِ أهل غزة الجِسام؟

لكن، بين كل هذه الردود يلفت ما كتبه حساب أس الصراع في الشام الذي يعود إلى صالح الحموي أحد مؤسسي جبهة النصرة، النسخة الأولى من هيئة تحرير الشام. الحموي انشق عنهم وبات من أشد المعارضين لهم. هو لا يؤيد الصفقة. يقول: ”ليس من العدل ولا الشرع ولا السياسة أن يكون ثمن تضحيات أهل غزة إخراج مئات الأسرى؛ هؤلاء كان ممكن إخراجهم بأسر خمسة جنود فقط.“ ويعود الحموي إلى الأساسيات، فيسأل عن هدف حماس ”الإستراتيجي“ من طوفان الأقصى. هل هو الإفراج عن الأسرى؟ أم إنقاذ الأقصى؟ أم قطع الطريق على التطبيع بين دول عربية وإسرائيل؟

في المحصلة يجيب الحموي أن أياً من هذه الأهداف لم يتحقق وإن كانت حماس لم تعلن صراحة عن هدفها من ٧ أكتوبر! وعليه يعتبر الحموي أن الحرب أفقدت حماس ”أهم وأعظم شيء وهو سلاح توازن الردع.“

وعليه، وبالنظر إلى حجم التضحيات التي بذلها أهل غزة، يعتبر الحموي أنه ”إذا لم تحقق حماس استقلالاً تاماً للقطاع وفك الحصار كلياً وبناء ميناء ومطار فمن ناحية استراتيجية تكون حماس خسرت وذهبت التضحيات سدىً.“

وفي تعليق لافت، يقول الحموي إنه كان أولى بأهل الضفة ألا يحتفلوا بخروج أسراهم بينما كان أهل غزة لا يزالون ينتشلون جثث أحبائهم من تحت الأنقاض.

حماس=القسام=إيران

مع استمرار الحرب، لم تتراجع حماس عن تقديم الشكر والعرفان لإيران ومن والاها؛ الأمر الذي أثار حفيظة الجهاديين الذين كانوا قرروا سابقاً تأجيل الخوض في تبعية حماس لإيران حتى انتهاء هذا الظرف.

حساب خاص على التلغرام باسم احتياطي قناة الشيخ المقدسي، ونعتقد أنه يعود إلى أبي محمد المقدسي، عاد وأكد موقف الرجل من حماس فيقول: ”فرق بين أن ندعو لفئة منتسبة للإسلام مهما كانت أخطاؤها … وبين أن نساهم في تضليل الأمة بتزكيتها وجعلها من خواص الشهداء وأفضل الجهاد!، مصيبتنا في ركوب هذا الطوفان والتطبيل المطلق!“

لنتذكر أن المقدسي ممن يبرر ”الفرح“ بما تفعله حماس بتمييز مشوه بين جناحي الحركة السياسي والعسكري: فالسياسي كافر والعسكري مقاوم إن لم يوالي السياسي!

الجهاديون منقسمون: هل استحق تحرير الأسرى تضحياتِ أهل غزة الجِسام؟

الداعية من كندا، طارق عبدالحليم، كتب: ”أقلقني الظهور الأخير لمتحدث القسام… حين عبَّر عن شكره ‘إخوانه في اليمن‘ من جماعة الحوثي على جهدهم في تحويل مسار سفينة! … ليس في الدنيا كلها سبب يجعل مسلماً سنياً، يذكر رافضةً مجرمين قاتلي إخواننا السنة في اليمن ولبنان وسوريا والعراق، ببشاعة أشد من قتل الصهاينة لأبناء غزة … هل فعلاً بوصلة القسام، هي بوصلة السنوار وحمدان وهنية والحية … فقل على جهادهم السلام … فالراوفض هم الفائزون في نهاية الأمر.“

حساب ابن تيمية ~فوائد علمية ~ وهو حساب قاعدي، سأل: ”أتساءل كيفَ يُبَرَّر لحماس موالاة الرّافضةِ بأنّها لم تجد العون من أهلِ السّنّة!“

إدلب غزة .. الجرح واحد؟!

في أشد الهجمات الجوية على إدلب ومحيطها هذا الأسبوع، قضى عشرة سوريين معظمهم أطفال ونساء في قصف استهدف بستاناً للزيتون. الضحايا كانوا في ورشة قطاف زيتون. أصغرهم آمنة وعمرها ثلاث سنوات؛ وحسين وعمره أربع.

حساب عبد الرحمن الإدريسي الموالي لهيئة تحرير الشام التي تحكم إدلب علّق: ”توقفت المجازر في غزة واليوم بدأت في إدلب!“

والحقيقة أن المجازر في إدلب لم تتوقف منذ الحرب على غزة ولكن صناعة الأخبار لا ترحم؛ فلم يكن لإدلب وأهليها نصيب من العناوين.

حساب مزمجر الثورة السورية المعارض للهيئة علّق: ”الإحتلال الخارجي الروسي والإيراني يقتلنا دون رد ومع صمت إعلامي.“

حساب كناشة عزام وهو حساب قاعدي سأل من دون جواب: ”ماهي أسباب تراجع اهتمام المسلمين بالقضيّة السوريّة بخلاف القضيّة الفلسطينيّة؟“

القحطاني يتمدد

في تبعات قضية العمالة التي قادها أبو ماريا القحطاني، نقلت حسابات معارضة لهيئة تحرير الشام أن الهيئة شنت حملة جديدة من الاعتقالات في جهاز الأمن العام على خلفية العمالة والفساد، وأن أبرز المعتقلين كان المحقق الأمني أبو النور الديري الذي وُصف بأنه مسؤول ملفي داعش والتحالف. في الأثناء، نقلت هذه الحسابات أن القيادي في الهيئة جهاد الشيخ عيسى أبا أحمد زكور بدأ ”مفاوضات“ مع زعيم الهيئة أبي محمد الجولاني لتصويب وضعه. بحسب هذه الحسابات، فرّ زكور من إدلب إلى اعزاز حيث المعارضة السورية تخوفاً من اعتقاله بسبب علاقته بأبي ماريا.

الجهاديون منقسمون: هل استحق تحرير الأسرى تضحياتِ أهل غزة الجِسام؟

أهم ما كُتب في تبعات قضية القحطاني جاء في حساب وحي وخواطر لأبي العلاء الشامي وكان مسؤولاً أمنياً في الهيئة قبل أن ينشق عنهم ويصبح من أشد منتقديهم. في منشورين طويلين يعتبر أبو العلاء أن الجولاني استغل انشغال العالم بغزة، فمرر قرارات تدل على فساد إدارته ومن ذلك أن أفرج عن المدعو عبدالغني العراقي أو المكسيكي مسؤول التصنيع المتهم باختلاس مليوني دولار، وذلك بضمان كفالة بمقدار ٨٠٠ ألف دولار. بحسب أبي العلاء، فرّ عبدالغني إلى تركيا وقد دفع نصف مليون دولار فقط.

يضيف أبو العلاء أن مسؤول الاتصالات العام عند الجولاني، أبا طلحة الحلبي، هرب هو الآخر إلى تركيا ومعه ملايين استحوذ عليها من فساد مالي كبير ”وتشبيح“ على التجار دام عدة سنوات بالشراكة مع زكور.
الجولاني لم يعتقل الحلبي واكتفى بجلسة تحقيق.

وأخيراً، اعتبر أبو العلاء أن شبكة القحطاني تجاوزت الأفراد إلى ”مشروع ضرار وكَيان متكامل“ باعتماد خطط ممنهجة لتجنيد أمنيين ومسؤولين من الصف الثاني من خلال ابتزازهم بعد إيقاعهم في أوضاع مشينة.

حرب اللاجئين

توعدت جماعة طالبان الباكستانية (تي تي بي) باستهداف مسؤولين حكوميين باكستانيين وأقاربهم ما لم تتراجع الحكومة عن ترحيل اللاجئين الأفغان خلال شهر.

بيان صدر عن المتحدث باسم الجماعة محمد خراساني بتاريخ ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٣ اعتبر أن الحكومة الباكستانية ”زرعت بذرة جديدة من الكراهية والعداء مع الشعب الأفغاني من خلال اعتماد السياسة المتعلقة باللاجئين الأفغان.“

في أكتوبر الماضي، قررت الحكومة الباكستانية ترحيل اللاجئين غير المسجلين الأمر الذي طال بشكل خاص ثلاثة ملايين من الأفغان لجؤوا إلى هذا البلد بعد سيطرة طالبان على الحكم في كابول. المشكلة هي أن القرار الباكستاني، الذي نُفذ أحياناً بشكل قمعي، طال أيضاً الأفغان المسجلين؛ حتى نُقل أن الحكومة استحوذت على ممتلكات للأفغان المسجلين بقيمة أربعة مليارات دولار.